الفنانة التشكيلية: أميرة الزهراني.. ورحلة في سفينة بحر لا ساحل له

تحملنا أعمالها ولوحاتها لنتبضّع ثقافة السمع والبصر بين جمالياتها، ويختلسنا عالمها ليعانقنا السحر، فتحكي لنا لوحاتها عن لون بطعم السفر، وحرف يناغم ذاتها ويؤكد أنها تعتلي سفينة في بحر لا ساحل له، هذا البحر تأخذها أمواجه نحو ذلك الرفيق المنتظر الذي تلوح له، ويشاطرها شعورها؛ ليؤكد أنه ذلك الفن القابع في داخلها، ومن ذاتها، وهو سيّد مقتدر، وبأنه ملاذٌ به أنفاسها تتحرر، إنها الفنانة التشكيلية: أميرة ابنت علي بن موسى الزهراني، خريجة العلوم الإدارية.

نبدأ معها حوارنا من حيث رحلتها مع الألوان.. ونسألها بماذا يهمس لك اللون وبما يفصح عن إحساس بما يشاركه السفر معك إلى حيث ماذا؟

فتجيب: اللون هو الإحساس الأكثر رهافة، تضيع بي تفاصيله، لا أعرفه أحيانًا، أشعر انه يحلق بي إلى مكان بعيد، حيث يكتمل شيء ما بداخلي، ثم يعاود الرجوع؛ فمنذ طفولتي وأنا أعشق الألوان، وأجمع كل جميل منها وكل غريب، وأحاول أن أرسم وأرسم، وكان لمعلمتي الأستاذة: ألفت، معلمة التربية الفنية -جزاها الله كل خير- في الابتدائية 55 في محافظة الطائف، دور كبير في تشجيعي، وغمرتني باهتمامها، فصار الرسم رحلتي اليومية بعد المذاكرة، وتشبعت بحب الألوان وخاصة اللون (الموف) بكل درجاته، فهذا اللون يشكل بداخلي حالة من الفرح العميق، الذي أهرب إليه لأمسك بفرشاتي كمجاديف أجول فيها بحارًا، وعالم أشبه ما يكون بالخيال، لهذا تجدين في لوحاتي الكثير من الرموز، والأشياء التي تشبه رحلة السندباد أقرب ما أكون إلى عالمي الجميل الذي آوي إليه.

وحيث تحدثت عن التشجيع.. سألناها عن الأسرة ماذا كان لهم من دور في رحلتها الفنية؟

فقالت: عائلتي -ولله الحمد- شجعتني على الفن، والفضل يعود لله ثم لوالدي ووالدتي -حفظهما الله-، هما أكبر الداعمين، وأعتبر حب الأعمال الفنية جانب وراثي؛ فوالدتي محبة لعمل السبح بالخرز وتصميم الإكسسوارات، وأختي الكبرى: دولة الزهراني من المواهب المتميزة  في الميك آب، كذلك صغيرتنا أمل تبدع في تشكيل تحف فنية بالجبس والكونكريت، وبعد أن تزوجت وجدت ذلك الزوج الكريم الذي كان أيضًا أكبر داعم لي، وخاصة مع انشغالي بتربية الأطفال وأعباء المنزل، كان يهيئ لي كل الوقت ويذلل كل الصعاب لأصقل موهبتي بالدراسة، فالتحقت بدورات  للريزن مع الأستاذة: سامية الربيعة، والأستاذة: أميرة عبد السلام، والأستاذة: هديل الحارثي، اللاتي أيضًا كنّ من المشجعات والداعمات لي، أجزل الله للجميع المثوبة والجزاء الحسن.

س/ هل الغموض في اللوحة هو ما يجعلها أكثر جمالًا وانتشارًا ونقدًا؟

ج/ الفن رسالة إلهية، أعطى الله الموهبة الحقيقية لبعض البشر وخصهم بها، ليتم إرسال رسائل الجمال من خلالهم؛ فالجمال قد يكون في رقة التفاصيل، وإدهاش اللون، والدهشة لا تأتي إلا من خلال تفاصيل لونية واضحة ليست غامضة، وحالة من الإبهار في تناسق، وانسجام اللون تدرجاته الحرة البهية؛ فالفنان يضع بصمته ويعكس شخصيته وتميزه الفني في لوحته.

س/ في رأيك هل كل من يحمل ريشة ويتعامل مع الألوان ممكن أن نطلق عليه فنان؟

ج/ طبعًا لا، ولكن مادام الإنسان شاب أو فتاة مستمتع في ما يرسمه، ومقتنع بمهاراته وقدراته، فلا يجب أن نحبطه فالفنان العالمي (سيزان) لم يكن موهوبًا بالفطرة، ولكنه بجهده ومثابرته وصل إلى ما وصل إليه من العالمية، ولدي قناعة كبيرة أن داخل كل إنسان جانب كبير من الفن منذ الولادة، ولكن ذلك يختلف باختلاف القدرات والدعم والتشجيع والصقل من شخص لأخر، ولا بد من تنمية هذا الجانب.

س/ ما هو شعورك وانطباعك وأنتِ تشاركين في معرض عالم الريزن المقبل وما الذي تتوقعين أن يحققه هذا المعرض؟

ج/ حيث إن مشاركتي في هذا المعرض تعد المشاركة الأولى لي، لذا يكتنفني شعور رائع وجميل، أني سوف أشارك غيري في المعرض، وأستفيد من خبرات من سبقوني، وأنهل منها، فالفن بحر لا ساحل له، لذا أنتظر الافتتاح بفارغ الصبر؛ لأحمل طموحاتي، أن يكون لي اسمي في عالم الريزن.

وعن توقعاتي للمعرض، فمثل هذا المعرض بالجهود المبذولة من كل من الأستاذتين: ليلى وأمل الشُّرَيّف، لتنفيذه لا توجد مساومة أو مقارنة بينه وبين غيره من المعارض، لهذا لا أستطيع الحكم على مدى نجاحي، لكن أعتبره نجاحا نظرًا لتلك المشاركات المكثفة والمتميزة من قبل عدد من الفنانين والفنانات، الذين سبقوا الجميع بتجاربهم وإبداعاتهم.. والله الموفق.