إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الابستومولوجيا وطبيعة المعرفة

مفهوم الـ “ابستومولوجيا” التي تمثل نظرية المعرفة يتطرق إلى دراسة طبيعة المعرفة، ومقدرة الإنسان على الشرح والتبرير، لكن عقلانية الاعتقاد تمثل المحور الأهم في ذلك، حيث ينبغي ألا تعتقد أمرًا دون أن تكون قادرًا على تفحصه من كافة أبعاده، لذلك يمكننا القول بأنّه إذا اعتقد أحد الأشخاص أن جسرًا ما (آمنٌ) بما فيه الكفاية لعبوره، ثم عبره وانهار به ذلك الجسر، في هذه الحالة نستطيع القول: “إن ذلك الرجل اعتقد أن الجسر كان آمنًا، لكن اعتقاده كان خاطئًا”؛ أما إذا عبر الجسر بأمان، فإنه يمكننا القول: “إن الرجل كان يعتقد أن الجسر كان آمنًا، لكنّه الآن يعلم أو متيقن أنّه آمنٌ”.

إذن المعرفة يجب أن تقيّم خصائص النّاس أو ما يُعرف بالفضائل الفكريّة وليس فقط خصائص الفرضيّات والمواقف الذهنيّة المُقترفة، وهذا المفهوم يحمل جدلاً كبيرًا بين العلماء أنفسهم.

ويطرح سؤالا مهمًّا: هل المعرفة تسبق الإيمان، أم الإيمان يسبق المعرفة؟، وهل الإيمان يرتبط بالضرورة بمعرفة ما هية الشي، أو الشيئية التي ترتبط بالحس المباشر؟، وهل للحدس علاقة بكل ذلك؟.

هل أسئلة جدلية كثيرة.

ولكي نقارب بين المفاهيم السابقة التي طرحت، علينا أن نحرر بعض المصطلحات الواردة آنفًا.

مفهوم الايمان: كلمة الإيمان، تعبّر عن الثقة بشخص ما أو سلطة معيّنة أو أي كيان آخر، ولكن نظريّة المعرفة تهتمّ بما نؤمن به، لذلك فإنها تُضمّن كلمة الإيمان معانٍ أخرى، مثل الحقيقة، أو أي شيء نعتبره حقيقيّ بالنسبة لنا من وجهة النّظر المعرفيّة الخاصّة بنا.

وهنا يتركز الحديث حول الواقعي والشيئي والمنظور ضمن إطار الفيزيقي، وبعيدًا عن الميتافيزيقي الذي لا يدخل ضمن نطاقنا وحواسنا، لكونه “إيمان أعمى” بطبيعته، وهو داخل ضمن مفهوم نظرية الكهف الأفلاطونية.

وهذا يعيدنا إلى آليات التفكير ومصادر المعرفة، ومن خلالها نفهم الوجود وكل ما يحيط بنا.

وكان سابقًا مصطلح الأنطولوجيا، هو السائد سابقًا لمفهوم المعرفة، وهو ما يعرف بعلم الوجود، وهو علم فيزيقي وميتافيزيقي في الوقت ذاته.

وكان معنى الانطولوجيا، يأخذ معنى المعرفة قديمًا، إلى أن تطور الموضوع إلى نظرية المعرفة، التي باتت تساعدنا على معرفة الوجود.

وتتشكل من خلالها وغيرها طبيعة المعرفة بالشرح والتبرير، وكذلك عقلانية المعرفة، أو عقلة المعرفة، ولهذا فإن تطور هذه المفاهيم يساهم فيه النمو الفكري والمعرفي للتعاطي مع المعرفة ذاتها، ولنماء هذا المفهوم، ومن ثم تطور المصطلح، الذي يواكب النمو الفكري مع كينونة العلم وماهيته أو فلسفاته.

والخلاصـة: إننا إذا أردنا تعريـف الابـستمولوجيا تعريفًا دقيقًا نقـول: إنها تلـك الأبحاث المعرفية، فلسفة العلوم، نظرية المعرفة، مناهج العلوم، منظورًا إليها مـن زاويـة علميـة معاصرة.

أي مـن خـلال المرحلـة الراهنـة لتطـور الفكـر العلمـي والفلـسفي، كمـا أنهـا علـم المعرفـة التـي تخـتص ببحـث العلاقـة بـين “الـذات والموضـوع”، حيث إن الإنـسان يبنـي معرفتـه بهـذا العـالم مـن خـلال نـشاطه العلمــي والــذهني، والبنــاء الــذي يعتمــده بواســطة هــذا النــشاط هــو مــا نــسميه العلــم والمعرفة، أما لفحص عملية البناء نفسها “تتبع مراحلها، نقـد أسـسها، بيـان مـدى تـرابط أجزائهـا”.

ويأتي من ثم محاولـة البحـث عـن ثوابـت صـياغتها صـياغة تعميميـة، محاولـة اسـتباق نتائجهـا “فـذلك مايـشكل موضوع الابستمولوجيا”.

☘??☘??☘??☘??☘??

بقلم المفكر والأديب العربي/ خالد الخضري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88