إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

تابع واقع المثقف العربي إلى أين ..؟؟!

تحدثنا في مقال سابق عن ماهية المثقف العربي واليوم نتحدث عن مهام المثقف العربي ، وحين يبرز المثقف كوسيط اجتماعي مميز وله دور يسعي لتحقيقه يجد نفسه أمام عدم مهام هي
*الالتصاق الدائم بالجماهير وتبنى مواقفها والدفاع عنها حتى لو أجبرته الظروف أحيانا على الانفصال عنها والعيش في عزلة تحت تأثير ظروف معينة اكبر من قدرته كأن يتعرض لهجمة سلطوية يعجز عن مقاومتها
*التصدي للنزعات المثالية بكل أشكالها باعتبارها تمثل عائقا حقيقيا أمام الرؤية العلمية وأمام تحرير الجماهير والسير بها نحو المستقبل
* التصدي للعادات والتقاليد السلفية والأفكار الخرافية
*الدفاع عن حرية الجماهير التي هي حريته عبر رؤية موضوعية ونهضوية للواقع والمستقبل
وكما ير سلامة موسى فان المثقف العربي عليه أن يترفع عن مشكلاته الشخصية وان يعمل في خدمة الجماهير والإنسانية والحرية والعلم والتطور
لكن أين المثقف العربي المعاصر من هذا الدور المنوط به؟
هل يتناسى تلك الفتاة العابرة في حياته أم يظل يبكيها طيلة حياته؟ ويتناسى بذلك قضية الإنسان والإنسانية؟ الم يخدع نفسه ويخدع الآخرين عندما صور قضية هذه الفتاة هي قضية المرأة والمجتمع؟ وان من يقرا دواوين الشعراء العرب وقصصهم وروايتهم يصيبه العجب عندما يجدها في معظمها لامرأة عابرة وحب ضائع
لقد كان سلامة موسى بارعا في طرحه لمشكلات المثقف العربي حين راح يطرح التساؤلات الآتية
*هل مهمة المثقف أن يسير مع الناس في الشارع أم يرفع من مستوى الناس .
*هل يلتزم الصدق في القول في الفعل أم يعيش الانفصال بين السلوك والفكر؟
*هل يكتب من بهو الأمراء والسلاطين أم يعيش مع الناس ويكتب عنهم؟
وقد أجاب سلامة موسى عن هذه التساؤلات بطريقة منطقية وعلمية حيث قال:
-المثقف يربط القول بالفعل
– دفاع المثقف عن الجماهير هو دفاع عن ذاته
– مهمة المثقف ورسالته التغيير
– المثقف يعرف من حياته وسلوكه
وبذلك تكون شوط المثقف كما وضعها سلامة موسى تتمثل بمجموعة من الشروط هي
1​أن يعرف المثقف تاريخ العالم منذ بدء الحضارة وحتى يومنا
2​أن يعرف جذور الأفكار السائدة التي تسير العصر على مبادئها
3​أن يعرف علما من العلوم العلمية البحت
4​أن يعرف لغة ما وخير اللغات التي يعرفها تلك اللغة التي نشا عليها
وهنا نسال :هل المثقف العربي المعاصر داخل في هذه الشروط ؟
فالمثقف الملتزم عليه أن يقدم الكثير دون التفكير بالمال أو المنصب مادام يحمل رسالة معينة ويعمل على خدمة هذه الرسالة وهنا تبرز صورة سقراط في الفكر اليوناني القديم وتبرز صورة معروف الرصافى ومحمد أركون في الفكر العربي المعاصر
ومع ذلك فهناك تساؤلات كثيرة يظل المثقف المفكر يتعرض لها من نفسه ومن الآخرين يبرز منها
-إذا كان المثقف ثوريا فلماذا لا ينزل ارض المعركة؟
– وهل الالتزام بالقلم أفضل من الالتزام بالمعركة؟
لهذا نجد بعض المثقفين الثوريين قد ترك القلم ونزل إلى المعركة “جيفارا” مثلا لكن هل سيكون النصر للسف أم للقلم ؟ وإذا أردنا حسم هذه النقطة بالرجوع إلى تجارب الشعوب يمكننا أن نقول مع نابليون عندما هزمه الألمان بتأثير “نيتشه” قوله : لقد هزم السيف القلم ويمكننا أن نقول مع شوقي حين خاطب مصر قائلا:
لقد وهبتك غير هيَّاب يراعا ** أشدَّ على العدو من الحسام
وهنا نتساءل : أين موقع المثقف العربي الآني من جيفارا ونيتشه وشوقي ؟ وهل يشكل المثقفون العرب نخبة حقيقية أو طبقة معينة؟
أكاد اجزم أن المثقفين العرب لا يشكلون نخبة أو طبقة لان الواقع العربي يفرز شرائح غير متجانسة حيث نجد
4​المثقف السلطوي وهو المثقف الملتزم بالسلطة قولا وفعل أو تكريسا ولا يسمع صوته إلا من خلال دعوة السلطة له وطبل الحديث منه
5​المثقف الملتزم أو الجماهيري وهو المثقف الملتزم بقضايا الشعوب
6​المثقف التغريبي بشقيه
7​المثقف التغريبي السلفي وهو يمثل المثقف الذي أنهكه الماضي وظل يدور في فلكه والحديث عنه ولا يجد وسيلة لحل مشكلات الحاضر إلا بالعودة إلى الماضي
8​المثقف التغريبي العصري و الذي يمثل المثقف شخصية وفكر الآخر دون النظر لذاته وعدم تفاعل الخاص مع العام
9​وإذا سلمنا بوجود طبقة من المثقفين العرب وإذا اعتمدنا هذا التقسيم الطبقي فإننا سوف نجد التباين واضحا بين
* مثقفي النخبة أو الصفوة وهم أصحاب الجاه والثروة
* مثقفي الشعب وهم فقراء وحالهم كحال طبقتهم”15″
ولذلك فالمثقفون العرب في تباين وتناقض اجتماعي وفكري واقتصادي وهذا ما ظهر جليا في ثورات الربيع العربي إذا سلمنا بوجودها هذا التباين الذي خلق نوعا من الصراع المعلن أو الخفي وغير الممنهج الذي انعكس على المجتمع مما أدى إلى اضطرابه وتباينه أيضا ولذلك تحولت الدولة إلى خصم دائم بالنسبة للمثقف ومن يتبعه من الجماهير
ومن هنا تبرز لدينا صورة المثقف الذي يمثل موظفا وعميلا للسلطة- أية سلطة – يتبنى مواقفها ويدافع عنها وصورة المثقف المناقض للسلطة من خلال الكلمة الملتزمة بالجماهير عبر رؤية علمية ونقدية للواقع الاجتماعي والفكري ويمكننا أن نؤكد على نتيجة حتمية ومنطقية مفادها أن المثقف ليس عميلا للسلطة بصورة دائمة فالسلطة مادامت تملك الإعلام الواسع والانتشار وحق الفيتو نحو مثقف معين أو ثقافة معينة فإنها يدخل ضمن واقعها وضمن ما تملك من إمكانيات استيعاب أو تشويه الرأي العام والمثقف أيضا الذي لا يتعاون معها أو الذي يعارضها أو الذي كان معها وخرج عن إطار سياستها العامة
وهى تستطيع جذب المثقفين إليها بما تملك من آليات واستبدالهم في أي وقت وبخاصة أولئك الذين يسعون إلى النجومية والشهرة ولو على حساب المبدأ كما تستطيع صرف الرأي العام من خلال طرح موضوعات لا تمت للواقع بأية صلة كما يحدث مع مباريات كرة القدم والألعاب الرياضية
“وللحديث بيقة”

عبدالحافظ بخيت متولي

مقالات ذات صلة

‫15 تعليقات

  1. مع العصر الحديث يندر وجود مثقفين بسبب وجود ثقافة سريعة هي ثقافة النت فمااحد يقرأ الا ماندر
    مقال جيد اعجبني

  2. اي مثقفين ؟ الان مشاهير السوشيال ميديا يتحكمون بالناس اكثر من غيرهم كنهم هم مثقفين الامة
    احسنت وبرعت بالنقاش لكنك اطلت كثيرا

  3. الثقافة مش زي الاول دلوقت محدش بيقرأ الا فيسبوك وبيشوف المقاطع والفديوهات فما فيهش ثقافه استاذ متولي شكرا على الكتابة .

  4. نعيش في عصر أختلف فيه كل شيء وأولها المفاهيم . المثقفون يؤثرون بالفعل لكن تأثيرهم محدود فقط على من يهتم بالثقافة والقراءة.
    نحن نعيش عصر التكنولوجيا والتسارع ، والأجيال في الوقت الحاضر بشكل عام إلا القليل لا يحب قراءة كتاب، أو مقال طويل، أو لا يحب سماع برنامج وثائقي أو مشاهدته، هم يحبون الشيء السريع الخفيف المضحك .
    لا أعرف أن كانت مشكلة أو أنه تحدي للثقافة الفعلية.
    مقالك مؤثر ومفيد جدا

    الكاتبة/ إبتسام عرفي

  5. احسنت التعبير والكتابة
    المثقف يربط القول بالفعل
    – دفاع المثقف عن الجماهير هو دفاع عن ذاته
    – مهمة المثقف ورسالته التغيير
    – المثقف يعرف من حياته وسلوكه

  6. بصفتي كاستاذة لغة أجنبية..اظن ان الازمة ليس أزمة مثقف عربي ..ولكن الأزمة هي ماذا تقرأ؟ غياب نصوص القراءة..نصوص تخاطب الوجدان تنمي الفكر والعقل نصوص جادة بطريقة التسلية والترفيه ..نصوص مختارة بطريقة بيداغوجية رائعة…أتذكر..ان احد الأساتذة الفرنسيين جاء ليلقي درس من الدروس فهرع الي متوسلا أن أمده بنص فرنسي سمع من الآخرين أنني استعمله ولقي إعجابا كبيرا من الطلبة بل وياتون للحصص تصوروا .أهمية النصوص أو الكتاب الذي تقوم بإدراجه في المقرر..اظن هذه هي الأزمة وليست في الطالب أو الطلبة أو الذين يريدون القراءة هذه وجهة نظر متواضعة من استاذ يبحث عن نصوص وكتب لائقة تساعده في لقمة عيش وتادية الرسالة شكرا
    افتيحيه الخاطري / وهران الجزائر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88