إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

محاسن أحيائكم

من عجائب قدرته سبحانه أن قيض لنا بعض البشر ساخطًا، عابسًا، مكفهرًّا، يتطاير من نظراته بؤس وحنق، لو وزع على نصف سكان الأرض لكفاهم.

يضيق به المكان ويختنق إن لم يجد شيئًا ينقده، ويردد معتقدًا بأنه طوق نجاته، وتسليمًا بصحة قوله. عندما كنت في أمريكا -علمًا بأنني أنهيت الدراسات العليا في أوروبا- لم أكن أرى هذه المشاهد، وكأنه الوحيد الذي مر بهذه التجربه وتشبع حد التخمة علمًا وثقافةً وتعايشًا دون غيره.

ولعلمه هو ومن سار على خطاه وتبع مسلكه وهواه.

ابن جارنا يعمل في أحد مطاعم (البيتزا) في إيطاليا منذ عشرون عامًا، ومتزوج شقراء نرويجية تحمل درجه الدكتوراة، وفي كل زياره يقول “اللهم لا اعتراض؛ بعد شهر من الآن سأعود إلى بلد زوجتى فأجد شيئًا مختلفًا، حياتهم لا تتوقف، وأنتم رحلت عنكم فوعدني الجميع وأقسموا أن يبقوا على حالهم، فبئس الحال وبئس المآل، أين أنتم من عالم يتغير في لحظات؟”

حتى انت يا عامل (البيتزا) لم نعد نعجبك، ليس انتقاصًا من مهنتك الشريفة، ولكن رحم الله تلك الشقراء اليافعة التى جعلت منك ناقدًا ناقمًا، لم يعد يستشعر جمالًا في محيطه، وكأن تلك الحضارة التي ذهب إليها بحثًا عن لقمه عيش -ليس أكثر- كاملة غير قابلة لنقده هو ومن مر من هناك.

البعض يتنكر وينسى.. ظنًّا منه بأنه يستطيع الخروج من عالمه الحقيقي.. ولكن هيهات.

يحدثني أحد الزملاء من شمال أفريقيا بعد ثلاثين عامًا قضاها متنقلًا بين دول أوروبا، ثم عاد إلى وطنه، وكما قال (تصرف أحد أبنائه الذي لم يكن يتوافق مع مبادئه جعله يعود مجبرًا بعد كل هذه الرحله الطويلة، قائلًا: شعرت بالأمان الذي لم أشعر به خلال ثلاثة عقود، وقدماي تطأ أرض وطني).

البعض يدندن وهو لا يحسن الغناء، ويظن أنه شاعرًا، وهو لا يجيد نظم القوافي ولكنه سلطان زمانه، ومفتي عصره،
لا فض فوه، الطب لعبته، والأدب هو أستاذه، والرياضة حرفته، وكاد يومًا أن يقف على منصة الأولمبياد الشتوى في (الصحراء الغربيه) التى تعتبر من أكثر المناطق قسوة على سطح الأرض كصاحبنا الأوليمبي.

لماذا نتلذذ بجلد الذات صباح مساء؟! هل هناك رابط نفسي بين رؤيه الجمال والاستمتاع به والتغافل عن منغصات الحياه وتجاهل بعض التفاصيل الصغيره.

المدينة الفاضلة، وشعب الله المختار، تجدها في أساطير الأولين، فأينما وجد الإنسان سيظل يبحث ويتعلم ويكمل هذا وينتقص من ذاك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

مع تمنياتي بالتوفيق لبطلنا الأوليمبي على أمل أن يجد صحراء أخرى أقل قسوة وأكثر جاذبية، وربما يستطيع ممارسه التزلج على الرمال الدائمة، عوضًا عن الجليد، فلن يأمن ذوبانه أكثر من أشهر معدودة.

ومضة:

التجاهل أحد فنون الحياة، ولكنه يحتاج إلى قدرات خاصة يعرفها من تجرع مرارة لماذا وكيف ومتى؟.

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️

بقلم الكاتب/ عائض الأحمد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88