لا لجيش الخدمات
يفتقر العراق إلى صناعة الخدمات التي باتت ركنًا أساسيًّا في اقتصاديات الدول الناجحة لتشغيل الملايين من الأفراد، وتحويل مناصب الخدمات إلى مصدر مهم للمال.
لا يزال الكثير مخطئًا، في الاعتقاد بأن التقدم الاقتصادي هو فقط في المنتج الملموس الذي تضخه المعامل والورش إلى الأسواق، فيما دولة مثل هولندا، تشغّل الآلاف من العمال في مزارع الورود، وتضخ إلى العالم ما مقداره (8 مليار دولار) سنويًّا.
وفي غابات ألمانيا الشاسعة، يعمل الملايين من الحطابين، -إذا صحّ استخدام هذه المفردة المنتمية إلى عصر ما قبل الصناعة- يقطعون الأخشاب التي توفّر المادة الأولية لمصانع الأثاث وشركات البناء، فيما يزرعون الأشجار أيضًا؛ لديمومة الغابات، وعدم التفريط بالغطاء النباتي.
الذي زار أوروبا أو عاش فيها، يرى جيوشًا من العاملين في الحدائق العامة، والساحات الخضراء، يعملون طوال النهار في الزراعة والتنظيم، وإدامة المحيط العام.
وفي حديقة مجاورة للحي الذي أسكنه في هولندا، ثمة حديقة بمساحة 2 كيلومتر مربع، يعمل فيها يوميًّا نحو سبعة أشخاص، طوال العام، ومعهم معدّاتهم وأدواتهم الحديثة.
وحدثّني مدير شركة توظيف في الحدائق، أن شركته تحقق أرباحًا جيدة في العام، بخلاف تأمينها رواتب العاملين، وتسديد الضرائب للحكومة، مشيرًا إلى أن تشذيب الأشجار، وبيع المواد الأولية لصناعة الأسمدة وجذوع الاشجار، وتجارة الورود، وتوفير الخبرة لأصحاب الحدائق في البيوت والشركات، وساحات المدن، يدرّ على الشركة تلك الأموال الهائلة.
وفي بيت للعجزة، يتألف من خمسة طوابق، ويسكنه المئات من كبار السن، يعمل نحو الثلاثمائة شخص، في إيندهوفن الهولندية، وهي مدينة بحجم مدينة صغيرة في العراق، ولك أن تحسب عدد الدور الموجودة في دول، مثل (ألمانيا، فرنسا، وبلجيكا، والولايات المتحدة، واليابان).
يعمل في هذه الدور، وفي مراكز اللجوء، والحماية من العنف، والرعاية الصحية، ورعاية الأسر، الآلاف من الباحثين الاجتماعيين، الذين لا عمل لأقرانهم في العراق بعد أن أصبحت التشريعات الاجتماعية واحدة من الأنظمة الراسخة في أوروبا.
ولا أحدثك عن المَزارع التي تجذب فرص العمل للمهندسين الزراعيين، والأطباء البيطريين، الذين يعانون من البطالة في العراق.
وينجذب الجلّ الأكبر من شباب المدارس الثانوية إلى التلمذة الصناعية، حيث لا عيب في الانضمام للمدارس المهنية والفنية، فيما يتسابق عراقيون على الشهادات العليا فقط من دون مهارات، ويرسبجون في أول امتحان لهم في فرصة طلب العمل، لا سيما إذا ما سافر خارج البلاد ووجد نفسه في مستوى علمي ومهني لا يتناسب وحجم اللقب الذي تحمله أوراقه.
وإذا تحدثنا عن القطاع المصرفي المتهالك في العراق، سوف نرى كيف أن المال القومي يتسرب إلى خارج البلاد، بسبب تخلف المعاملات البنكية التي توفر ملايين فرص العمل لخريجي الاقتصاد، والمبرمجين، والصيارفة.
كل تلك الوظائف تغيب في العراق، حيث الاقتصاد لا يمتد بصورة أفقية، ويفشل في ابتكار الفرص ليظل المجال محصورًا في التوظيف الحكومي بدل الخدمات التي هي الأساس في تطور البلدان.
وفي ابتكار للوظائف، أسس رسامون هولنديون ورشة عمل تنظّم المعارض في مدن متعددة، يعمل فيها العشرات من الفنانين الذي ينتجون اللوحات، والنصب، وتلجأ إليهم البلديات في الاستشارات الجمالية والتصميم، لتحقق هذه الورشة أرباحًا عظيمة في كل عام.
لم تعد الوظيفة في الدول المتقدمة محصورة بالحكومة، ومكاتب الوزارات، والدوائر الرسمية، بل إن هذا النوع من الوظائف ينحسر تدريجيًّا بسبب التقنيات الحديثة في الإنجاز ومعالجة المعاملات، الأمر الذي يدفع إلى ابتكار طرق مبتكرة في خلق فرص العمل في مجالات الخدمات المدنية.
ومنذ تطورت صناعة الخدمات في أوروبا منذ القرن العشرين الميلادي، فإن العراق والدول العربية، بعيدة عن التحولات الاقتصادية الكبرى التي ضمنت مصادر العيش الكريم للمواطن، ورسّخت الاستقرار وعزّزت ثقة الفرد بدولته ومجتمعه.
الكاتب العراقي/ عدنان أبوزيد
صناعة الخدمات اصبحت الركن الاساسي للدول الناجحه
سلمت يداك
بالتوفيق استاذي
موضوع رائع
لا لجيش الخدمات عنوان جميل جدا
جهد مشكور
مقاله جيده
اصبحت الدول العربيه بعيده عن التحولات الاقتصاديه
ما شاء الله
جهد عظيم
شئ جيد للغايه
الدول العربيه في حاله من الغثيان من التطورات الهائله في دول الغرب
مقال رائع جدا
كلام مهم جدا ويستحق المتابعه
شيء اكتر من مميز
موفق جدا والي الامام دايما
مقالاتك دايما ممتازة وقمه في المعرفه
رائع جدا بارك الله فيك
من نجاح الي نجاح دايما
صحي.. والأضح من ذلك أن قطاع الخدمات في بلادنا العربية للأسف هو الأكثر تخلفا وانحطاطا ولا يلتفت إليه الجميع علما أنه يعتبر هو واجهة وعنوان الدولة، بالنظر إلى أن معظم الدول العربية تعتمد السياحة كمصدر رئيسي من مصادر اقتصادها الوطني.. أشكرك الشكر الجزيل
سلمت يداك
موضوع في غاية الأهمية
تفكير خارج الصندوق الضيق
للأسف معظم الدول العربية مصنفة كدول استهلاكية وبالتالي شبه تنعدم فيها مثل هذه الوظائف.
صدقت، تقريبا نحن لا نهتم سوى بالخدمات والشهادات العليا.
مقال مميز، لكنه يعبر عن واقع عربي مزرٍ لم يتغير أبدًا، ولا توجد آلية لتطوير هذا الواقع.
المجتمعات الاستهلاكية لا تبحث إلا عن زيادة متوسط دخل الفرد دون النظر إلى خطة مستقبلية خارج الإطار للتحسين من اقتصاديات الدولة..
طرح مدعم بالأدلة
حقا لا نحتاج إلى جيش للخدمات بقدر حاجتنا إلى مفكرين ومبدعين.
بارك الله في هذا القلم النابض بهموم وطنه.
نظرة موضوعية ومهمة
أحسنت
جهد رائع.
موفق دائمًا.
بارك الله فيك.. تناول جيد للموضوع
بارك الله في قلمك وفكرك المنير..
نعم لا لجبش الخدمات والمكرونة