إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عندما تصبح (اللا مبالاة) فنًّا يستحوذ على اهتمام البشر! (2/2)

قرائي الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طابت أوقاتكم بالخير والعافية والتوفيق.

استكمل معكم اليوم حديثي عن كتاب (فن اللامبالاة) الذي بدأته في حلقة الأسبوع الماضي من هذه الزاوية، وهذا رابط لتلك الحلقة يفضل قراءته لمن لم يتسن له الاطلاع عليه حين نشره:

عندما تصبح (اللامبالاة) فنًّا يستحوذ على اهتمام البشر! (1/2)

في هذا الكتاب أسهب المؤلف في الحديث عن القِيَمِ، وقال: “القيم الجيدة هي تلك المُؤسسةٌ على الواقع؛ البناءةٌ اجتماعياً؛ والقابلةٌ للضبط، في حين أنَّ القيم السيئة هي تلك الخرافية؛ الهدّامة اجتماعيًّا؛ التي لا يمكن ضبطها”.

وحدد المؤلف خمس قِيَمٍ –من وجهة نظره- تعدُّ نموذجًا للقيم الجيدة، وهي:

١ – تحمل الإنسان المسؤولية عن كل شيءٍ يحدث في حياته دون أن يبحث عن شماعةٍ يعلق عليها السبب فيما حدث.

٢- إقرار الإنسان بجهله، وممارسته للشك في قناعته الشخصية الحياتية.

٣- استعداده لاكتشاف أخطائه وتحسينها.

٤- قدرته على قول كلمة (لا)، وتحمله سماع تلك الكلمة عندما تقال له.

٥- تذكر الإنسان أنَّه ليس مُخلدًا في هذه الدنيا.

​ولا يخفى على القارئ الفَطِنِ أنَّ كثيرًا من طروحات هذا المؤلف قد لفت أنظارنا إليها ديننا الإسلامي العظيم، قرآنا يتلى، وأحاديث نبويةٍ تتردد، ومنها قوله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا)، وقوله عزَّ وجلَّ: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)، وقوله عزَّ من قائلٍ: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ). وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أنا والدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرةٍ، ثم راح فتركها”. وغير ذلك كثيرٌ.

أجد من المناسب اقتباس تقريظٍ عن هذا الكتاب القيِّم قاله عنه: (ديريك سايفرز)، مؤسس شركة CD Baby، ومؤلف كتاب “كل ما يلزمك أربعون درسًا من أجل نوعٍ جديدٍ من رواد الأعمال”، قال فيه:
“كتاب فن اللامبالاة يخالف كل كتابٍ آخر. في عناوين موضوعاته: (لا تحاول)، (كن مخطئًا)، (اخفض معاييرك)، (كفَّ عن الإيمان بنفسك)، و (ابحث عن الألم). تجد كلُّ نقطةٍ صحيحةٍ بشكل عميق، نافعةٍ، أكثر قوةً من النزوع الإيجابي المعتاد. موجزٌ لكنَّه ذو عمقٍ مدهشٍ. قرأته في ليلةٍ واحدةٍ”.

عن هذا الكتاب، قال لي أحد أصدقائي الفَكِهِين بعد أن قرأه كاملًا: (هذا الكتاب هو … “طنش.. تعش.. تنتعش”)!
ولكنِّي في شكٍ من هذا الاختزال المبالغ فيه، مع قناعتي بصحة جزءٍ منه.

أقترح على من لم يقرأ الكتاب من قرائي الكرام هنا، اقتناءه وقراءته، وبإذن الله تعالى لن يعدم الفائدة.

​ولعلَّه من نافلة القول، التذكير بأنَّ الكتاب شأنه شأن كلِّ عملٍ بشريٍ، وجهدٍ إنسانيٍ لا يخلو من نواقص وعيوب، وجوانب ضعفٍ وتكلفٍ، ومبالغةٍ أحيانًا، ومن اعتسافٍ أحيانًا لمقولاتٍ ووقائعَ وقصصٍ وأحداثٍ، وليٍّ لأعناقها لتخدم أغراض المؤلف وأفكاره، ولكنِّي –رغم ذلك كلِّه- أرى أن إيجابيات الكتاب وجماليته الجليَّة في كلِّ صفحةٍ من صفحاته تفوق سلبياته.

وفي الختام أذكر القارئ الكريم باعتراض البعض على ترجمة عنوان الكتاب إلى العربية، وأنَّها لا تخلو من خطإٍ، وحتى مؤلف الكِتَابِ ذكر ذلك. ولكن ومن واقع خبرتي المتواضعة في مجال الترجمة، أرى أنَّها أقرب إلى المعنى المراد، وأرى أيضًا أنَّ المترجم قد وُفِّقَ فيها باعتبار أنَّه ليس بالإمكان أحسن مما كان، وذلك لاحتواء عنوان الكتاب الأصل على كلمةٍ بذيئةٍ نابيةٍ؛ قد لا يجد فيها القارئ الأمريكي غَضَاضَةً، ومع ذلك تفتقت ذهن الناشر الأمريكي عن فكرةٍ “خارقةٍ”! تنم عن الذكاء والحياء! فقد حذف أحد حروف تلك الكلمة، واستعاض عنها برمز النجمة (*)! فيا للحياء الأمريكي! ويا لشغف الأمريكان بالتحايل على نصوص القوانين والتنظيمات، لتجاوزها. يبدو أنَّه محظورٌ في بعض الولايات عندهم على دور النشر، نشر كلماتٍ بذيئةٍ، لذلك يحتالون بحذف حرفٍ من الكلمة النابية لتصبح (غير بذيئةٍ)! رغم وضوحها. إنَّه التحايل على نص القانون لقتل روحه.

وبما أنَّ الأمر كذلك، فماذا عسى المترجم العربي، ودار النشر أن يفعلا بترجمة العنوان إلى العربية أكثر مما عملا؟

ولعله من الجدير بالذكر، الإشارة إلى أن نفس الدار، ونفس المترجم قاما مشكورين مؤخرًا بترجمة كتابٍ لاحقٍ لهذا الكتاب لنفس المؤلف عُنون بالعربية بــــــــ ” خراب: كتاب عن الأمل”، وواجها مجددًا إشكالية ترجمة نفس الكلمة البذيئة في العنوان!

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??

بقلم الأديب والباحث والمترجم/ خلف بن سرحان القرشي

#خلف_سرحان_القرشي 

السعودية – الطائف – ص. ب 2503  الرمز البريدي 21944

ايميل:  [email protected]

تويتر qkhalaf@

مقالات ذات صلة

‫90 تعليقات

  1. كتاب قيم لأنه يتحدث عن القيم المجتمعية، وأعتقد أنه يشبه عددا آخر من الكتب التي سبقته في التأليف تتحدث عن النفس اتلبشرية والأحوال الحياتية والمعيشية للإنسان من الاستيقاض إلى الخلود للنوم ومن ذلك كتاب “قوى الحياة” للكاتب الأمريكي الجنسية الألماني الأصل “مارتاه كراي”..

  2. تحليل رائع. طبعا مسألة ترجمة العنوان شائكة جدا، ولن يكون المترجم على صواب تماما مهما فعل وابدع، لأن النص الاصلي كتب بثقافة معينة والنص المترجم ايضا مكتوب بخلفية ثقافية مختلفة. ومرادفات الكلمات الصحيحة اذا استخدمت في بعض السياقات ربما لا تفيد المعنى الحقيقي. مودتي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88