سلسلة ومضات الوهج (حادثة الإفك.. قصة بهتان تتكرر)
سورة النور حين أقرأها أشعر كأني دخلت عالمًا يرفض قذف الناس بالباطل ويمنع توزيع التهم جزافًا، وفي الآية الحادية عشرة تبدأ قصة حادثة الإفك والتي تصف قصة حدثت للسيدة عائشة أم المؤمنين وهي في الخامسة عشر من عمرها تقريبًا، زهرة صغيرة كانت في صحبة رسول الله في إحدى غزواته، حيث كان -صلى الله عليه وسلم- قد اقترع على زوجاته وكان من نصيبها الخروج، وتتلخص القصة في أن أشرف النساء قد تأخرت عن القافلة لبحثها عن عقدها الذي انقطع، وحين عادت لموضع الهودج وجدتهم رحلوا، فجلست في مكانها على أمل أن يعودوا باحثين عنها فغفلت عينها ونامت، وكان صفوان بن المعطل السلمي – صحابي جليل- قد تأخر، وفاته اللحاق بالركب، فلمح السيدة عائشة واسترجع حين رآها، وتعرف عليها، وأناخ راحلته لتركب، ولم يحادثها بكلمة، وصار يقود الراحلة حتى وصلا إلى موقع الجيش، وحينها رآهما المنافقون، فأشاعوا عنهما ما أشاعوا وصار الناس يتناقلون الأخبار والشائعات، وبعضهم صدق الافتراء على أم المؤمنين، وكان على رأس المفترين المنافق عبدالله بن أبي بن سلول، ومسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة ابنة جحش.
وانحبس الوحي عن الرسول الكريم مدة طويلة، وحين بلغ الخبر بهذا الافتراء مسامع السيدة عائشة حزنت حزنًا شديدًا، وبكت بكاءً مرًّا، واعتراها الهم، خاصة وأن رسول الله قد دخل عليها فقال لها فيما معناه بأنه قد بلغه عنها كذا وكذا، وأنها لو كانت بريئة فسيبرؤها الله، وإذا كانت مذنبة فلتتوب إلى الله وتستغفر، فردت بأن ما بلغهم قد استقر في قلوبهم وصدقوه، فإن أنكرته لما صدقوها وإن اعترفت بذنب لم تقترفه لصدقوا وختمت بقولها: فوالله لا أجد لي ولكم مثلًا إلا قول أبو يوسف حين قال (فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون)، وتحولت عنهم واضطجعت في فراشها وهي تعلم بأن الله سينصرها.
وبالفعل جاءت البراءة بوحي من الله، بآيات عطرة تفند أقوال المنافق رأس الأفعى ومن استزله الشيطان من المؤمنين فصدقوا بهتانه، وكان العرق ينحدر من على رسول الله كالجمان -أي كاللؤلؤِ- حين نزل عليه الوحي، وكان ثقيلًا بالبراءة، وما إن انتهى حتى جاء لعائشة وهو يضحك قائلًا: يا عائشة أما والله فقد برأك الله، فقالت لها أمها قومي إليه فردت وفي داخلها عتب وحزن: والله لا أقوم إليه فإني لا أحمد إلا الله.
وكانت الآيات التي جاءت من فوق سبع سماوات كفلق الصبح لبراءة أشرف النساء ولتدين كل من بهت وافترى، فالله يخاطب نبيه وعائشة وأبويها وصفوان بأن هذا الإفك ليس شرا لهم بل هو خير حيث قد كتب أجرهم وأظهر براءتهم، وقيل أن الآية (الذي تولى كبره منهم) يقصد بها (حسان بن ثابت) وأنه قد أصابه العمى بعد ذلك، وروي أن رسول الله قد أتى بهذه العصبة المفترية فحدهم بالجلد ثمانين ثمانين، إلا ابن سلول فقد تأخر عذابه للآخرة.
لطائف مستفادة:-
? هذه قصة بهتان حدثت لأشرف نساء الأرض، ليهون الله على إمائه إن تعرضت إحداهن في أي زمان ومكان بعدها لذات الموقف، ولتثبت وتثق في عدل الله، وأنه لا يرضى ظلمًا لعباده، وأن تتخذ من الصبر ملاذًا، ومن اليقين وشاحًا، فعائشة بعظم قدرها رُميت وقُذفت، وفي هذا تخفيف عمن تُقذف بعدها بأن تصبر وتستعن بالله.
? موقف رسول الله الرائع، موقف سيد البشر، وأكاد أجزم أنه على ثقة من براءتها، لكنه اتخذ موقفًا حكيمًا متزنًا حتى أتت براءتها من رب العالمين، فلا هو الذي ثار وصدق واتهم، ولا هو الذي دافع عن زوجته بلا بينة، فجاءت البينة من الخالق، وأي بينة؛ ليخرس كل من افترى.
? كان الصديق ينفق على (مسطح) وهو أحد الذين رموا السيدة عائشة بالفاحشة، وبالطبع بشعور الوالد وغضبه من أجل ابنته فقد عزم على إيقاف النفقة، إلا أنه عاد وأنفق بعد نزول (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة…) واختار أن يغفر الله له، فتلك هي شيم المحسنين يمنحون حتى من آذوهم فالعفو ديدن العظماء الذين يبغون الأجر من الله لا الانتقام الشخصي.
? لا تيأس يا ابن آدم مهما أصابك من مصائب، فها هو رسول الله قد لحق به كل ألم، (فقد الابن، وجرب ألم البهتان والقذف لعرضه وشرفه، وأوذي، وسُحر، ومرض)، ولم تبق نائبة من نوائب الدهر إلا وذاقها ليكون لنا مثلًا، ونحتذي بحذوه ونتصبر كما صبر.
? جاءت الآيات بعد تبرئة السيدة عائشة لتؤكد على التحذير من إشاعة الفواحش، وذكر السيئات، وقذف الناس بلا بينة، فملعون هو من يقذف المحصنة وله عذاب أليم.
? الكلمة الطيبة.. لا تصدر إلا من رجل طيب وامرأة طيبة، والكلمة الخبيثة.. لا تكون إلا من خبيث، فتخير قول الكلمات الطيبات، فهي شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء. والحذر كل الحذر من الشائعات المنقولة والأخبار المكذوبة فقد تبوأ بإثم صاحبها مدى الدهر.
جعلنا الله وإياكم ممن لا يقذفون، ولا يرمون، ولا ينطقون إلا بالكلم الطيب.
بقلم د/ فاطمة عاشور
حادثة الافك من اكبر الفتن التي تعرض لها رسول الله
سلمت يداك
بالتوفيق استاذي
موضوع ممتاز
جهد عظيم
حادثة الافك كفيله ان تهدم اي بيت ولكن الثقه في الشخص الذي حدثت له هذه الفتنه تكون سببا في عدم الانهيار الاسري
بارك الله لك
مقاله جيده
شئ جيد للغايه
موضوع يستحق القراءه
موقف رسول الله موقف يدرس لانه في حاله صعبه جدا ولكن الثقه هي مفتاح النجاه
جهد مشكور
ممتاز
جميل جدا
موضوع مهم جدا
شكرا استاذي علي هذه المقاله
مقال مميز
شئ جيد للغاية
الشكر لصحيفة هتون بالتوفيق ان شاء الله
سلمت يداك بالتوفيق ان شاء الله
جهد مشكور
جيد جدا بالتوفيق
دام لنا عطائكم المميز والجميل
رائع ماتقدموه من ابداع جميل
إبداع في الطرح وروعة في الإنتقاء وجهداً تشكرون عليه
يا لها من كلمات عانقت الروعة و لامست الجمال
جيد جدا بالتوفيق ان شاء الله
قصة الإفك درس جميل ومفيد لنا اليوم لأن نعيش زمن الإفكيات والتنابز بالألقاف والقذف أضحى سلعة يتاجر بها الجميع إلا من هدى الله.. نسأل الله السلامة..
مقال جميل
بارك الله فيك
بالتوفيق ان شاء الله
شئ جيد للغايه
جيد جدا بالتوفيق
موضوع يستحق القراءة
ممتاز جدا
مقال جيد جدا
أتفق مع كاتبنا حينما قال “أكاد أجزم أنه على ثقة من براءتها، لكنه اتخذ موقفًا حكيمًا متزنًا حتى أتت براءتها من رب العالمين”.. وكيف لا وهو سيد البشر وكيف لا وهي أم المؤمنين..
الله عليك جقا
من اجمل المقالات حقا
مقال ممتاز وشيق فعلا
ممتاز ممتاز ممتاز فعلا
ما اجمل واروع هذا
شيء رائع بالتوفيق
موضوع مهم جدا
جيد للغاية
بارك الله فيك حقا
ما اروع واجمل هذا ما شاء الله
كلام جميل ومؤثر ومفيد