جيل الغدقصص وأناشيد

قصة الفتح المبين

جلست دعاء بعد صلاة التراويح تتلو سورة الفتح، “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا، لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا، وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا، هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا”، حين دخلت والدتها عليها، فابتسمت الطفلة بهدوء، وقالت لأمها: لقد أعجبتني آيات السورة يا أمي وأردت أن أحفظها.

هتون / فاطمة الزهراء علاء

الأم: جميل يا دعاء، أحسنتِ يا حبيبتي.

دعاء: ولكن يا أمي هل سورة الفتح نزلت بسبب فتح مكة؟

الأم: لا يا حبيبتي، بل نزلت السورة تبشيرًا بالفتح، ونزلت بعد صلح الحديبية.

دعاء: وما هو صلح الحديبية يا أمي؟

الأم: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة ومعه ألف وأربعمئة من المسلمين إلى مكة المكرمة للحج وأداء العمرة، ولمَّا وصل إلى منطقة تُسمى الحديبية علم أنّ قريش ستمنعه من دخول مكة المكرمة، فأرسل إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى يُخبرهم أنّه لم يأتِ لقتالهم، فاستجابت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسلت سهيل بن عمر إليه للاتفاق على صلح أُطلق عليه اسم صلح الحديبية، وورد هذا الصلح في القرآن الكريم في سورة الفتح حيث قال عز وجل: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً”، وكانت هذه الآية تبشيرًا لرسول الله بدخول مكة.

تدخلت حنان قائلةً: ولكن يا أمي، علمت أن الأمر لم يتم بهذه السهولة، فقد قرأت أن رسول الله رأى في المنام أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، وأخذ مفتاح الكعبة، وطاف هو والصحابة واعتمروا، وحلق بعضهم وقصر بعضهم. فلما استيقظ أخبر أصحابه ففرحوا جدا وتجهزوا للسفر.

الأم: نعم يا حنان، معك حق، ولكن دعاء كانت تسأل عن سبب نزول سورة الفتح، فلما علمت بأنه بسبب صلح الحديبية سألت عنه. والآن دعاني أخبركما بما حدث بعد خروج رسول الله وصحبه.
خرج النبي وأصحابه ومعه زوجته أم سلمة، وكان معه ألف وخمسمائة فرد فقط وليس معهم إلا سلاح المسافر، لأنهم لا ينوون قتال كفار قريش، بل أداء العمرة. ولما سمعت قريش بمقدمهم عقدت مجلسًا استشاريًّا قررت فيه منع المسلمين من دخول مكة.

محمد: ائذني لي يا أمي، كان سيدنا خالد بن الوليد لا يزال على الكفر، وجاء بفرسانه لمحاربة المسلمين، ورآهم وهم يصلون صلاة الظهر يركعون ويسجدون فاعتقد أنها فرصته، وقرر أن يهاجمهم في صلاة العصر.
ولكن ما بين الظهر والعصر تغير الحال، فقد أنزل الله حكم صلاة الخوف وهي أن يصلي فريق وينتظر فريق يراقب المكان، ففاتت الفرصة على خالد والمحاربين معه.

تابعت الأم: لم تكن هذه هي المكيدة الوحيدة التي حدثت، فقد حاول سبعون من شباب قريش التسلل إلى معسكر المسلمين ليلًا، ولكن محمد بن سلمة قائد الحرس تمكن من اعتقالهم جميعًا. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق سراحهم جميعًا فنزل قوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا”.

قال فارس: الحديبية عندما قال صلى الله عليه وسلم “حبسها حابس الفيل”؟

الأب بابتسامة ودود: صحيح يا فارس، لما وصل النبى إلى منطقة الحديبية بركت راحلته أي توقفت، فقال “حبسها حابس الفيل” وخيّم بالمكان. وأرسل رسول الله سيدنا عثمان بن عفان إلى قريش يبلغهم برغبة المسلمين في الطواف بالبيت. ولما فرغ من إبلاغهم عرضوا عليه أن يطوف رسول الله وحده بالبيت فرفض سيدنا عثمان العرض.

أكمل محمد: وتأخر عثمان عند قريش فشاع بين المسلمين أنه قُتل، فقال صلى الله عليه وسلم “لا نبرح حتى نحاربهم”، ودعا أصحابه إلى البيعة على ذلك، وتقدم أصحابه يبايعونه على أن لا يفروا، وبايعه جماعة على الموت، وأخذ رسول الله بيد نفسه وقال: هذه عن يد عثمان لم يتخلف عن هذه البيعة إلا رجل من المنافقين.
وسُميّت هذه البيعة ببيعة الرضوان، ونزلت فيها آية في السورة تبشر المؤمنين برضوان الله عليهم “لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا”.

الأم: وعرفت قريش حراجة الموقف، فأرسلت سهيل بن عمر لعقد الصلح، وكانت لهم شروط مجحفة قبلها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي: 1- أن يرجع رسول الله هذا العام فلا يدخل مكة، وفي العام القادم يقيمون فيها ثلاثة أيام.

2- وقف الحرب بين الطرفين عشر سنين.

3- من أتى إلى المدينة مسلمًا، من دون إذن وليه، ردّه المسلمون إلى قريش، ومن ذهب إلى قريش مرتدًّا عن الإسلام لا يُرد إلى المدينة.
كما رفض سهيل كتابة “الرحمن الرحيم” وقال “اكتب باسمك اللهم”، كما رفض عبارة محمد رسول الله، وقال “لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك”.

تابع الأب والتأثر بادٍ على وجهه: وأثناء كتابة الصلح، جاء أبو جندل بن سهيل فارًّا من المشركين فلم يقبله النبي، وقال له: “اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجًا ومخرجًا”.

حنان: ورغم أن هذا الصلح أغضب المسلمين، لكن رسول الله لما فرغ منه، قال لأصحابه “قوموا فانحروا” وكررها ثلاث مرات، فلم يقم منهم أحد. فدخل صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، وأخبرها بعدم استجابة أصحابه لكلامه فقالت: “يا رسول الله، اخرج ولا تكلم أحدًا حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك.
ففعل صلى الله عليه وسلم بمشورتها، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا.

الأم: فلما رجع رسول الله وصحبه، أنزل الله تعالى سورة الفتح، فكانت البشارة والسكينة في قلوب المؤمنين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88