البيت والأسرةمواقف طريفة

”صندوق الدنيا“.. يشد انتباه جيل التقنية في ”مسك جدة التاريخية“

قبل ظهور عصر التلفزيون والسينما، كان الأطفال يتسمرون على شكل دائرة عند جداتهم وأجدادهم، لسماع قصصهم وحكاياتهم القديمة عن الشاطر حسن، وشجاعة الفرسان، وكرم الرجال، وكانت حناجر الرواة وتفاعلهم وسائل جذب للأطفال، وتطور المشهد ليتحول إلى صندوق يحمله على ظهره أحدهم.

ـ جدة

صاحب هذا الصندوق يجول به في الشوارع مناديًا ”قرّب قرب.. اتفرج يا سلام“، فيهرع إليه الأطفال ببعض نقودهم في ذلك الوقت ينشدون المتعة، وعُرف لاحقًا باسم ”صندوق الدنيا“، ويحاكي في عصرنا الحاضر قصص ميكي ماوس وبطوط المصورة.

وبين أزقة حارات المنطقة التاريخية بجدة، وبجوار مسجد أبو عنبة، خلال فعاليات ”مسك جدة التاريخية“ التي انطلقت يوم أمس، كان الحضور على موعد مع صندوق الدنيا، وهو صندوق كبير مغطى بالكامل، ماعدا ٦ فتحات يسدل عليها الستار لإخفاء أسرار متعددة خلفها، يبدأ البوح بها فور إدخال الزائر رأسه من إحدى الفتحات وإزاحة الستار عنها.

يبدأ المسؤول عن الصندوق بترتيب الأطفال واحدًا تلو الآخر على دكة يجلسون عليها، ويدخل الطفل رأسه خلف قماشة تغطي رأسه، لينظر في عدسة يشاهد خلالها قصصًا مصورة؛ إذ تعمل العجلة الدوّارة في الآلة كمصراع لتمكن الآلة من عرض مجموعة من الصور، فتكون النتيجة عرض شبه حقيقي للحياة يستغرق دقائق معدودة، مندمجًا مع الصور المتحركة، يشاهد فيها صور وحكايات رويت في حقبة جدة القديمة.

ويؤكد صاحب فكرة صندوق الدنيا والممثل الرئيسي لشخصية العم سعدون، الشاب أحمد العامودي، انجذاب الكثير من أبناء وبنات الجيل الحديث من زوار مهرجان مسك جدة التاريخية لمسرح الدمى، باعتباره أداة ترفيهية جديدة عليهم، كونهم يعيشون عصر التقنية بكامل تفاصيله، ويقول: ”اخترت الشخصية والسيناريو بناءً على فكرة المهرجان؛ حيث يعمد العم سعدون لإظهار الفروقات بين ما كان يسمى بالدكان سابقًا، والذي كان بمثابة نقطة تجمع لأبناء الحارة ومركز اجتماعي لهم، وبين المراكز التجارية الحديثة“.

وأضاف أنه يعمل في هذا المجال منذ ٧ أشهر متواصلة، ويقدم إلى جانب صندوق الدنيا فعالية قصص الشعوب المستقاة من الكارتون القديم حكايات عالمية، بهدف استعادة ذكريات جيل الطيبين (على حد وصفه)، وتعزيز تلك الثقافات في نفوس الجيل الجديد، مشيرًا إلى أن تلك القصص تتمثل في مجموعة من الدمى تقدم عرضًا لعشرين دقيقة، مع استخدام أغان لفنانين من مختلف شعوب العالم، على أن تؤدى بواسطة دمى تشبه الفنانين الأصليين لكل أغنية.

وتعود نشأة ”صندوق الدنيا“ إلى القرن الخامس عشر الميلادي، حين كان يقص الحكواتي قصصًا ملحمية مستخدمًا صورًا ملونة تخدم مشاهد قصته من خلال ذلك الصندوق الذي حمل أسماء كثيرة، منها: ”صندوق العجب“ و”صندوق الفُرجة“، وظهر في بلدان مختلفة من العالم، وفي أوروبا والصين والهند والعالم العربي، وبدأ يضعف وجوده منذ منتصف القرن العشرين، واقتصر على المناطق النائية عن الإرسال التلفزيوني الجديد، ثم شيئًا فشيء لم يعد له أثر سوى في الأدب و الأعمال الفنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88