إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

هل نحن خائفون.. وممَّ نخاف؟

الخوف غريزة إنسانية طبيعية فينا كبشر، وتاريخ الخوف على العموم مرتبط بالتاريخ البشري، ومنذ الإنسان البدائي الأول الذي كان يخاف من كل ما حوله من (سباع، وضباع، وحيوانات مفترسة)، وما شابهها في الفترة الطوطمية التي تحدث عنها عالم النفس الكبير سيغموند فرويد، والذي تناول الشعوب البدائية، وحلل نفسيات تلك الشعوب وتطور التابو في حياتهم.

إن الخوف في علم النفس معروف أنه من أكثر العواطف السلبية تدميرًا للحياة؛ لهذا تشير الدراسات الحديثة بشيء من التأكيد على طول عمر الإنسان في عصرنا الحاضر، أكبر بكثير من عصور سابقة، وهو في تمدد مستمر، أي أن عمر الإنسان قابل للزيادة كلما تمكن العلم من تحقيق مزيد من الإنجازات الكبيرة على مستوى علوم الطب، وتلك العلوم التي تساعد على تحقيق رفاه وسعادة أكثر للإنسان، وربما يكون إزالة الخوف، أو التخفيف منه عاملاً مهمًّا في تحقيق هذا الهدف، والذي يتلخص في إطالة عمر الإنسان.

وعلى سبيل المثال لو عدنا إلى عمر الإنسان قبل ألف عام من الآن، أو ما يزيد عن ذلك قليلاً لوجدنا أن متوسطه كان 60 سنة، بينما نجد إنسان اليوم يعيش بين الثمانين والمائة سنة، ذلك يعود من وجهة نظري إلى التخفيف من حدة الخوف من المستقبل، ومن المصير، والخوف من بكرة، والخوف من الأمراض التي تمثل هي الأخرى شبحًا خطيرًا يهدد حياته، إلى جانب تطور الاكتشافات العلمية في مجال الطب التي أشرنا إليها آنفًا، والتي تسعى على الدوام إلى التخفيف من الألم.

ولم يثبت لدى المؤرخين المعتمدين على الحفريات واكتشاف النقوش القديمة وتحليلها وتفكيك رموزها، وكذلك دراسات آثار الإنسان القديم، والدراسات الأنثروبيولوجية أي دليل على أن هناك أقوامًا كانوا يعيشون أعمارًا طويلة، عدا بعض الأنبياء الذين أشار إليهم القرآن الكريم، والذين يمثلون استثناءً من هذه القاعدة التي لم تنطبق على أحدٍ قبلهم أو بعدهم، بل حسب النص القرآني القابل للتأويل أنها كانت خاصة بأنبياء بعينهم مثل نوح عليه السلام، حسب النص القرآني.

ولذلك لم يوثق مؤرخي الحفريات أي دلائل على طول عمر الإنسان في العصور الماضية على الإطلاق. وقد سبق لي أن كتبت بحثًا مصغرّا على أكثر الناس سعادة وطول عمر بين شعوب العالم حاليًا، ووجدت أنهم الصينيون، لأسباب بسيطة جدًّا، تتلخص في التالي:

أولاً: أنهم شعوب نباتية، لا تأكل اللحوم إطلاقًا، وهو الأمر الذي يحقق لهم صحة جيدة، ويخلصهم من الوقوع في العديد من الأمراض،

ثانيًا: أنهم شعوب تحب الموسيقى وممارسة طقوس اليوغا المعتمدة على تفريغ الطاقة السلبية، وشحن طاقة إيجابية بشكل يومي، وعلى التأمل والاسترخاء،

ثالثًا: أنهم أقل الشعوب خوفًا من المستقبل، لا يفكرون كثيرًا في الغد، وماذا يمكن أن يحدث فيه من كوارث أو مصائب، وكذا لا يعنيهم الموت ذاته وماذا بعده، حسب ديانتهم طبعًا، وهذا يعني أن نسبة الخوف في حياتهم لا تذكر، إذا ما قارناها بواقعنا نحن العرب والمخاوف التي نعيش، فالخوف اليومي وربما اللحظي يهيمن على حياتنا، ومن ذلك، الخوف من الغد المجهول بكل ما فيه. إن الشعوب الصينية تعيش بين 100 إلى 120 سنة، بصحة جيدة.

إن الخوف في حياتنا يتعدد ويتنوع، فهناك خوف على مستقبل الأبناء، وكذلك الخوف على العمل أو عدم توفر المال لتحقيق حياة رغيدة، وخوف المرأة، على سبيل المثال: من الطلاق أو المشاكل الزوجية المستمرة، وخوف الشاب بعد التخرج من عدم الحصول على وظيفة، حتى أن البعض يخاف من الأخبار السياسية اليومية، فهي مخاوف كثيرة، من أهمها الخوف من الموت وما هو مصيري بعده، مع أن المسلم الحق يجب أن يترك ذلك لله تعالى ما دام مجتهدًا، ويعمل الخير الذي يمكن أن يحقق له السعادة الأخروية. لماذا الخوف إذن؟

إننا بحاجة إلى التخلص من شبح الخوف، ومن التفكير المقلق في المستقبل المجهول، وهذا ليس دعوة لعدم  التخطيط للمستقبل، والعمل من أجل بناء مستقبل أجمل لنا ولأبنائنا.. ولكن ما أقصده هو الخوف الذي يعرقل مسيرة حياتك، ويجعلك شبه مشلول في حياتك اليومية.

فمتى سوف نستقر ونعيش حياة مطمئنة، بعيدة عن المخاوف بكل أشكالها؟

☘??☘??☘??☘??☘??

بقلم المفكر والأديب العربي/ خالد الخضري

مقالات ذات صلة

‫40 تعليقات

  1. المخاوف les angoisses، هي السبب المسؤول عن كل القلاقل التي تحدث للإنسان، فهي حاجز خطير يمنع الإنسان من إبراز مواهبه وذكائه وفطنته، بل تمنعه من أن يعيش حياة عادية، وباالتالي فهي العدو الأكبر لهذا الإنسان.. لذا يجب محاربتها والقضاء عليها.. أشكرك الشكر الجزيل.

  2. إن الخوف في حياتنا يتعدد ويتنوع، فهناك خوف على مستقبل الأبناء، وكذلك الخوف على العمل أو عدم توفر المال لتحقيق حياة رغيدة

  3. وهذا يعني أن نسبة الخوف في حياتهم لا تذكر، إذا ما قارناها بواقعنا نحن العرب والمخاوف التي نعيش.

  4. إننا بحاجة إلى التخلص من شبح الخوف، ومن التفكير المقلق في المستقبل المجهول، وهذا ليس دعوة لعدم التخطيط للمستقبل، والعمل من أجل بناء مستقبل أجمل لنا ولأبنائنا..

  5. لخوف غريزة إنسانية طبيعية فينا كبشر، وتاريخ الخوف على العموم مرتبط بالتاريخ البشري، ومنذ الإنسان البدائي الأول الذي كان يخاف من كل ما

  6. إن الخوف في حياتنا يتعدد ويتنوع، فهناك خوف على مستقبل الأبناء، وكذلك الخوف على العمل أو عدم توفر المال لتحقيق حياة رغيدة،

  7. إننا بحاجة إلى التخلص من شبح الخوف، ومن التفكير المقلق في المستقبل المجهول، وهذا ليس دعوة لعدم التخطيط للمستقبل،

  8. حتى أن البعض يخاف من الأخبار السياسية اليومية، فهي مخاوف كثيرة، من أهمها الخوف من الموت وما هو مصيري بعده

  9. أنهم شعوب تحب الموسيقى وممارسة طقوس اليوغا المعتمدة على تفريغ الطاقة السلبية، وشحن طاقة إيجابية بشكل يومي، وعلى التأمل والاسترخاء،

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88