إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

إعلام في مواجهة إعلام

استطاع الفيسبوك باعتباره وجهًا من أوجه الإعلام الجديد، على غرار يوتيوب وتويتر، أن يحشد قوة جماهيرية، ضمت مختلف فئات وأطياف المجتمع الجزائري، في تجربة سياسية عميقة وحديثة، بحيث التفُّوا حول قضيتهم الأساس، وتشكّل سريعًا، ما يصطلح عليه إعلاميا (الرأي العام).

الفيسبوك، كقوة إعلامية جديدة تضاهي في تأثيرها الإعلام الكلاسيكي، وما يحمله في كثير من الأحيان من تضييق وتعتيم مهما مُنِحت له الحرية في نقل الأحداث وتغطيتها، وإيصال المعلومة وتبليغها للجمهور، إلا أنه ومن وجهة نظري يظل قاصرًا أمام الإعلام الجديد، المعتمد على شبكة الإنترنت، والمتميّز بالآنية والفورية، والذي يتداخل مع ما يصطلح عليه،بـ (صحافة المواطن)، التي أصبح فيها هذا الأخير شريكًا في صناعة الأحداث ونقلها كما هي، أين لم تعد تختفي الحقائق خلف عدسة  الكاميرا، الأمر الذي وضع وسائل الإعلام التقليدية وصحفيِّيها في ورطة حقيقية، وإحراج شديد.

وقد برهن الإعلام الجديد، وبالأخص الفيسبوك وتويتر، على مقدرتهما في تشكيل رؤية واضحة إزاء أبرز ما يهم المواطن من قضايا مصيريّة، لا تتحدّد فقط في المجال السياسي، مع أنه يأخذ حصّة الأسد من مجمل ما يحصل داخل الفضاء الافتراضي، الذي لا أحسبه إلاَّ امتدادًا للواقع المعيش، غير منفصل عنه قيد أُنمُلة، بل ساهم وبطريقة ذكيّة في تشكيل وبلورة شخصية الفرد، الذي أصبح بإمكانه التعبير بجرأة متناهية عن مطالبه واحتياجاته المتزايدة.

إن حاجة المجتمع المعاصر لهذا النوع من الإعلام الذي يعمل على إشباع رغبة أفراده إعلاميًّا، تعتبر حاجة ماسة لا غنى له عنها، وإن كان لا يزال كليهما بحاجة إلى أمرين:-

– ضبط أكبر؛ تفاديًا للاستغلال السيء له، وهو ما نراه أين أصبح بمقدوره أن يؤول من أداة خيِّرة إلى أخرى تحمل من الشرّ والفتنة القدر الكبير.

– ومن ناحية ثانية، لا يزال أفراد المجتمع بحاجة إلى الإعلام الكلاسيكي، المقروء أو المسموع، أو المرئي المسموع، الذي يتيح هو الآخر بفضل خصائصه، كثيرًا من الامتيازات التي لا نجدها عند الجديد، وبين الفروقات في الخصائص والسمات لهذين النوعين من الإعلام، ومع عدم قدرة الاستغناء عن أحدهما، تبقى المواجهة بينهما على أَشُدِّها، والفيصل النهائي فيها هو الجمهور.

الفيسبوك، كمنصة إلكترونية استطاع قبل عدد من السنوات، أن يشعل فتيل الشعوب العربية، ويخرجها عن صمتها وركونها، أو لنقل من عدم ثقتها بنفسها في تحقيق ما تطمح إليه وتأملُه، وتغييره بحقيقة أخرى، تجسدت فيما أطلق عليه بـ (الربيع العربي) وبغض النظر عن مآلاته ونتائجه المتمخضة عن صحوة المجتمعات العربية التي لم تكن مبكِّرة كما كان منتظرًا منها، جراء الأوضاع التي كانت تعيشها تحت سقف حكوماتها باختلاف نوعية أنظمة الحكم، إلا أنه – الفيسبوك – لم يُدِر ظهره أبدًا، لطموحات الأفراد والمجتمعات، بل فتح أمامها نوافذ أخرى، ليست إلى السماوات، بل إلى الحرية، لم تكن متاحة من قبل، إبّان عدم معرفة هذه الشعوب بجدوى وفعالية الفيسبوك (الإعلام الجديد).

الكاتب الجزائري / طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫37 تعليقات

  1. صحيح وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك واتلتويتر والواتساب.. أضحت قوة إعلامية جديدة تربك وتحرح صحفيي وسائل الإعلام التقليدية، وهي إلى جانب ذلك متنفس للمواطن يحكي فيه ما يشاء ويمدح ويدين فيه من يشاء.. شكرا لك

  2. ستطاع الفيسبوك باعتباره وجهًا من أوجه الإعلام الجديد، على غرار يوتيوب وتويتر، أن يحشد قوة جماهيرية

  3. في تجربة سياسية عميقة وحديثة، بحيث التفُّوا حول قضيتهم الأساس، وتشكّل سريعًا، ما يصطلح عليه إعلاميا (الرأي العام).

  4. وما يحمله في كثير من الأحيان من تضييق وتعتيم مهما مُنِحت له الحرية في نقل الأحداث وتغطيتها، وإيصال المعلومة وتبليغها للجمهور،

  5. لفيسبوك، كمنصة إلكترونية استطاع قبل عدد من السنوات، أن يشعل فتيل الشعوب العربية، ويخرجها عن صمتها وركونها، أو لنقل من عدم ثقتها بنفسها في تحقيق ما تطمح إليه وتأملُه

  6. لم يُدِر ظهره أبدًا، لطموحات الأفراد والمجتمعات، بل فتح أمامها نوافذ أخرى، ليست إلى السماوات، بل إلى الحرية، لم تكن متاحة من قبل، إبّان عدم معرفة هذه الشعوب بجدوى وفعالية الفيسبوك (الإعلام الجديد).

  7. إن حاجة المجتمع المعاصر لهذا النوع من الإعلام الذي يعمل على إشباع رغبة أفراده إعلاميًّا، تعتبر حاجة ماسة لا غنى له عنها

  8. لا يزال أفراد المجتمع بحاجة إلى الإعلام الكلاسيكي، المقروء أو المسموع، أو المرئي المسموع، الذي يتيح هو الآخر بفضل خصائصه، كثيرًا من الامتيازات التي لا نجدها عند الجديد..
    ولكن لا بد من تطويره

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88