إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

حقائب الوجع

يتدفق الألم إلى مضغتي، ويتسرب الوجع إلى مملكتي، ولم أعد لأرى دمعتي.
تغتابني نسمات هواك تؤرقني، والبوح استعصى من شفتي، ولم أعد لأراك يا قدري.

غارق أنت في بحر لجي بوردتي، لم تكفكف حزني الموارب، ولم تأخذ بيدي.

مفعمة بالآه قصيدتي، وشاحب وجه مدينتي.

يعرفني الليل بسواده، يخيم على قصتي فيزداد القصيد وجعًا على وجعي.

تلك الأحلام ما عادت لي، وكل الآمال مضت بي بعيدًا حيث وحدتي.. ألبستني الذعر محنتي، ومضيت أخيط ثوب غربتي فيك، وأخط جراحي كمدًا عليك يا دنيتي.

كم من وجع سكن عتبتي وأنا أتخطاها إليك، وكم من حزن رسى على باخرتي وهي تشد الرحال إليك، وكم من دمع اخترق غفوتي، وبلل وجنتي، وسال إليك، وسرت برجفتي حافية من الحذر لعينيك.. يا قدرًا يفر مني انتظر.. انتظر لا تكن فجيعتي، توسمت فيك خيرًا فلا تردني، واستبقت الحب يومًا فغدرت بي، وتاهت بي مسافات الوجد إليك فلم أعد لأعرف طريق عودتي.

توقفت في غياهب الصمت أفتش عنك، وأتمتم لوحدي وأشرع بابا للذاكرة الحبلى بالوجع.

ما عدت أدرك نفسي؛ تلقفتها الظنون، وعبثت بها الأوهام، ولم أعد أرى وجهي الذي أخذ مني عنوة وجه الصباح المبتسم، وجهي اليوم لُفّ بالوجع، ولُوّن بالعتمة، وتآكل ربيعه؛ فبات يشي بالموت.

وجهي تعلوه هالة العبوس، وتتجعد أرضه وتتصحر، ويحل به الجفاف فيتفتق منه الألم، ويسقط مغشيًّا عليه من الوجع.

على وسادة الأحلام أضع رأسي المندثر؛ لأعاود ترميم الذاكرة البائسة، نمت على عجل، وألفيت نفسي في الحلم مرة أخرى أفر إليك حبلى بالفرح، ودمعي يستبقني، وأعاود الإشراق من جديد، وظللت أبحث عنك في ممرات الحلم وتختفي مني كبريق خافت وتضمحل، تمنيت العثور عليك ولو في الحلم، لكن باءت أمنياتي بالفشل. ارتطم رأسي بحافة السرير فأفقت من حلمي فلم أجدك، وبكيت حرقة على نفسي، كيف تورطت في عتمتك، وكيف خانني فراقك، ووقعت في كمين الصمت.

ها هو الليل يرتشفني؛ ليصحو بي، وها هي أنا.. كالليل أغدو محترقة، بلون الرماد أحتفي، وبسواده أكتحل.
ولا شمعة مضاءة لي في عتمة الزمن. أصغي إلى ترددات الوجع في داخلي، وأصلي في محراب الوداع وأبتهل.

تتداعى أوجاعي على قبة رأسي الثمل، ضعت وانتهيت على عجل، جمعت شتاتي وانطويت على جراحي، أترجل ليلي الأليل لوحدي متى البدر اكتمل، لا أصحاب ولا أحباب ولا أهل.

من غيرك يا من كنت قسيمي يدثرني ويحتويني ويكفكف دمع المقل، غادرت تاركًا قلبي مشرعًا بحبك لم يأفل، طويت صفحات دفتري، وعجلت الرحيل إلى عالمك، كيف تتركني وحدي أصارع وحدتي وحدي، أغرق في دمعتي وحدي، ألملم غربتي وأنعى ناصيتي.

ليتني أعود إلى نفسي

ليتني أعود منك مخضبة باليقين، وقد رحلت آخذًا روحي معك، وتركت لي حقائب الوجع، لم أستطع تلمسها، ولم يطاوعني قلبي لأفتش فيها عنك، كل ما تركت لي هو شبهتك، وتواريت عني تاركًا جراحًا لم تندمل.

ما أعظمك؛ يا رجلاً يسحبني من مسافات الحلم إلى مساحات الوجع.

ما أروعك من طفل يحمل ثغري ابتسامته الراحلة، ويمضي بالوجع في داخلي، ويحفر كيانه في أعماقي.

الكاتبة الجزائرية/ فتيحة رحمون

مقالات ذات صلة

‫25 تعليقات

  1. ما أروعك من طفل يحمل ثغري ابتسامته الراحلة، ويمضي بالوجع في داخلي، ويحفر كيانه في أعماقي.

  2. ها هو الليل يرتشفني؛ ليصحو بي، وها هي أنا.. كالليل أغدو محترقة، بلون الرماد أحتفي، وبسواده أكتحل.

  3. على وسادة الأحلام أضع رأسي المندثر؛ لأعاود ترميم الذاكرة البائسة، نمت على عجل، وألفيت نفسي في الحلم مرة أخرى أفر إليك حبلى بالفرح، ودمعي يستبقني،

  4. تتداعى أوجاعي على قبة رأسي الثمل، ضعت وانتهيت على عجل، جمعت شتاتي وانطويت على جراحي، أترجل ليلي الأليل لوحدي متى البدر اكتمل، لا أصحاب ولا أحباب ولا أهل.

  5. من غيرك يا من كنت قسيمي يدثرني ويحتويني ويكفكف دمع المقل، غادرت تاركًا قلبي مشرعًا بحبك لم يأفل، طويت صفحات دفتري

  6. دائما اجد في مشاركاتك فائده ودائما ارى في مواضيعك نظره ثاقبه هنيئا ليس لك بل لنا بك على وجودكم في عالمنا هذا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88