إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

نفاق على أعلى مستوى

سأقول ما في جعبتي، فقد طفح الكيل من النفاق السائد،كلنا خنّا الوطن بطريقة أو بأخرى، كلنا سرقنا الوطن بطريقة أو بأخرى، فلا داعي لنتّهم السّلطة فقط، أو أن نختزل الفساد في أشخاص معينين، وننادي برحيلهم، ونحرص على ذلك حِرصًا شديدًا، وكأننا أبرياء طاهرون، والحقيقة عكس هذا تمامًا، ومن لديه قول غير الذي أقول فليبُح ،ويُفصحْ.

الحقيقة هي، حتى الذي يتغيب عن عمله بلا حجة ويخرج قبل انتهاء دوامه، سارق للوطن ومحتال. وعندما يساهم الطبيب في إعطاء شهادة طبية لشخص ما أو لطالب علم، على أساس أنه كان مريضًا وهو ليس كذلك، فقط من أجل دراهم معدودة،فقد ساهما كليهما في سرقة واغتصاب الوطن،بل نحراه نحرًا وخاناه خيانة لا تغتفر، ذاك خان مهنته، والآخر خان العلم الذي ينتسب إليه، ظلمًا و بهتانا، وقس على ذلك.

أتريدون الصراحة أكثر؟ فلتقرؤوا إذًا…

هل في رأيكم لا توجد سرقة في مطاعم الجامعات، وبقية المستويات التعليمية الأخرى ومطاعم الشركات؟ هل في رأيكم البلدية بمختلف مصالحها ولجانها لا تضم سرّاقا ونصابين؟ ولكم أن تقتحموا عالم الثقافة فقط وتتيقنوا بأنفسكم؟ هل في اعتقادكم أن الشركات الكبرى الاقتصادية بحزمها وصرامتها لا تضم سُرّاقا؟ حتى العامل البسيط فيها سارق، إذا لم يسرق، فسيسرق على الأقل قطعة غيار لسيارته أو شاحنته أو بضع لترات من الوقود؟ هل في رأيكم الجمعيات على اختلافها لا تضم سارقين؟ التاجر الذي نشتري من عنده مستلزماتنا أليس سارقًا في رأيكم أو غشاشا؟ قُبّاض الحافلات أليسوا سارقين؟.

إنْ ما ذكّرته ب (الصرف) بقية نقودك، فقل عليها السلام، العامل الأجير في محل ويسرق أيضا، عندما يأكل دون علم صاحب المحل، بل تتعدى يده حتى لصندوق المال، ويجعل لنفسه أجرة ثانية،إضافة للتي خصصها له صاحب المحل. المؤسسات التي توفر لنا مكالمات هاتفية (م.ج.ن) أليسوا سرّاقا؟. المقاولون الذين يغشون أليسوا سراقًا؟، ألم يسرق بعض أفراد هذا الشعب حتى بيوت الله؟ هي الأخرى لم تسلم من خبثنا ومرضنا!! الشباب الذين استلموا أموالا وقروضا بنكية تحت صيغة كناك و أونساج … وغيرها، ولم يعيدوا الأموال وقالوا: هي حق من حقوقنا، أليسوا سراقًا وخونة؟ الصفقات المشبوهة و تضخيم الفواتير أليست سرقة ونهبًا للوطن وفي جميع المجالات في الجزائر؟

كم من شخص اقترض مالاً من شخص آخر ولم يرجعه، بل يتهرب من السَّدادِ أصلاً، أليس هذا سارقًا ومحتالاً؟. كم من شخص وهو في ضيق وعسر يقتني مستلزماته من دكان؟، وعندما تُفرج حلقاتها وكان يظن أنها لن تفرج، ويمتلئ جيبه، يقصد محلاً آخر ويبقى الأول ينتظر حق البضاعة.. أليس هذا سارقًا ومحتالاً؟ دون أن نتحدث عن الذي يسرق فكرة هذا، ونصّ هذا وقصيدة ذاك، ومقال الآخر ورواية زيد، ولوحة بوزيد، وحلم فلان وأمل علاّن … مجتمع أراد أن يطهر نفسه من خطاياه،(فمسح الموس) في ثوب آخرين، الخطأ الجسيم الذي ارتكبوه هو أنهم سرقوا وصدورهم عارية.

القائمة لا زالت طويلة وطويلة جدًّا جدًّا .. وفي كل القطاعات والمجالات، فلا داعي إذًا لنبقى متشبثين بمثالية كاذبة، وكأننا أبرياء أنقياء أتقياء، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه من خير ونعمة، رغم خيانتكم لهذا الوطن، واغتصابكم له، كل بالقدر الذي تطاله يداه، وتقْدِران عليه.

أعود للقول بأن المادة 102 من الدستور التي قُدِّمت كحل أراه مبدئيًّا جد منطقي وصائب، لإخراج البلاد من الأزمة العالقة فيها، ولتنأى بنا من مغبة استغلال الحراك لما هو أسوأ و أشد مرارة من موضوع سرقة خيرات الوطن، والتي كما أسلفنا الكل مشارك في السرقة على مستواه وفي قطاعه، ومن مركزه و مكانته، فقد جاءكم الرجل بقرار لم يستطع أحد اتخاذه لأزيد من شهر كامل، والبلاد تزداد غرقا على غرق، ومن يحمل في ذهنه الفكرة الشعبوية السائدة،(يتنحااو قاع) يرحلوا جميعًا فما عليه إلا إعادة حساباته مرة ثانية وثالثة ورابعة، وربما إلى ما لا نهاية، أو وجب عليه أن يوفر لنفسه خاتم سليمان، ليتمكن من تعويض الذين يقصدهم بالرحيل، قبل أن تأتيه قوى خارجية تأمره وتنهيه وليس له من الأمر إلا أن يقول: كان في يوم ما بعض الأمان هنا، بعض الهدوء هنا ….!!

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫24 تعليقات

  1. فقد طفح الكيل من النفاق السائد،كلنا خنّا الوطن بطريقة أو بأخرى، كلنا سرقنا الوطن بطريقة أو بأخرى،

  2. ن نختزل الفساد في أشخاص معينين، وننادي برحيلهم، ونحرص على ذلك حِرصًا شديدًا، وكأننا أبرياء طاهرون، والحقيقة عكس هذا تمامًا

  3. الحقيقة هي، حتى الذي يتغيب عن عمله بلا حجة ويخرج قبل انتهاء دوامه، سارق للوطن ومحتال.

  4. هل في رأيكم لا توجد سرقة في مطاعم الجامعات، وبقية المستويات التعليمية الأخرى ومطاعم الشركات؟ هل في رأيكم البلدية بمختلف مصالحها ولجانها لا تضم سرّاقا ونصابين؟ ولكم أن تقتحموا عالم الثقافة

  5. حتى العامل البسيط فيها سارق، إذا لم يسرق، فسيسرق على الأقل قطعة غيار لسيارته أو شاحنته أو بضع لترات من الوقود؟ هل في رأيكم الجمعيات على اختلافها لا تضم سارقين؟ التاجر الذي نشتري من عنده مستلزماتنا أليس سارقًا في رأيكم أو غشاشا؟ قُبّاض الحافلات أليسوا سارقين؟.

  6. نعم صحيح.. ولكن لابد من التمييز بين شيئن المسؤولية السياسية والمسؤولية الاجتماعية، فلا يمكن على الإطلاق المقارنة بين من يتحمل مسؤولية الشأن العام ومن يتحمل مسؤولية نفسه، فالأمر أستاذي الكريم مختلف تماما.. نعم العامل البسيط يسرق ولكن ليس سرقته مثل سرقة المسؤول السياسي كالوزير مثلا.. تسلم

  7. عندما نسال انفسنا من هم المنافقون
    نجــــد انهم:

    فئة في البشر يعاني منها البشر ، وللأسف هم كثيرون ،
    متعددون ، اكتشافهم صعب للوهلة الأولى ، وسهل بعد عدة تعاملات
    معهم ،

  8. لابد من التصدي لظاهرة النفاق سواء الاجتماعي أو السياسي.. لأنه يقض مضجع الأمة بأكملها.. تشكر

  9. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88