التسامح.. سرّ التفوق والإبداع
تعددّت الأسباب، لكن الهجرة واحدة، بين من ينصرف عن بلاده، هربًا من الحرب والاقتتال، وبين الذي يقرّر مغادرة وطنه بحثاً عن لقمة العيش، وتحسينًا لوضع عائلته الاقتصادي التي ترك أفرادها، مرغماً.
في أغلب الأحوال، إن لم يكن كلها، فإنّ الهجرة تقصد البلدان المتسامحة، التي لا تقيّم الفرد على أصوله، ودينه وطائفته، وقد نجحت هذه الدول بسبب هذه النزعة الإنسانية – مهما شكّك البعض في مقاصدها- أيّما نجاح، في استقطاب الكفاءات والعقول، والأيدي العاملة الذكية.
أمريكا، واستراليا، وكندا، وهولندا، والسويد، … وغيرها من “الدول المضيفة”، تستقبل كل عام الآلاف من المهاجرين الباحثين عن الحرية والفرص والمساواة. وفي حين نجحت الأغلبية من المهاجرين، في ضمان مصدر العيش الكريم والمستقبل الخالي من القلق، بسبب النظام الاجتماعي العادل، الذي يوفّر السكن والراتب الشهري حتى للعاطل عن العمل، فإن هناك من المغتربين من نجح مهنيًّا، في الطب والهندسة، والأعمال الحرة، وارتقى المراتب العالية، أما في السياسة فحدّث عن النجاح، ولا حرج.
من ذلك، أنّ عائلة بوش ذات أصول انجليزية وألمانية، أصبحت السلالة السياسيّة الأكثر نجاحًا في التاريخ الأمريكي، بعد هجرتها.
الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، ابن بائع جوال من أب مهاجر، هو ويليام جيفرسون بلايث الأول (1918-1946)، وقد توفي والده بحادث سيارة بعد ولادة بيل، بثلاثة شهور.
زوجته هيلاري، التي ولدت عام 1947، من عائلة بريطانية في الأصل، يعمل أفرادها في المناجم.
ولأنّ التسامح يضمن اعتراف المجتمع بحق العيش في نظام قيمي يحترم الإنسان، من دون شعارات وتنظيرات بلا تطبيق؛ أفرزت الحالة الاجتماعية، والإدارات المؤسساتية الحقة، الإبداع والخلق، مهما كان مصدره، سواء من ابن البلد الأصلي، أو من المهاجر.
ألبرت أينشتاين من عائلة يهودية، ولد عام 1879، وكان والده هيرمان يمتهن بيع الرّيش المستخدم في صناعة الوسائد، وعملت أمّه بولين كوخ في ورشةٍ لتصنيع الأدوات الكهربائية، لكن التسامح، أتاح لعقله الإبداع والابتكار، قبل ولادة البعبع النازي المتشدد.
وزير خارجية أمريكا الأسبق (هنري كسينجر)، مهاجر من ألمانيا، والوزيرة السابقة (أولبرايت)، مهاجرة من تشيكوسلوفاكيا، فيما (كولن باول) مهاجر من جامايكا، وكان والده محاسبًا، وأمه خيّاطة.
الرئيس الكولومبي السابق (خوليو طربيه)، ابن مهاجر لبناني، و(كارلوس منعم) الذي حكم الأرجنتين، سوري الأصل، … وغيرهم الكثير من النخب المهاجرة في أمريكا اللاتينية.
وكلما اتّسعت مساحة التسامح، زخر التنوع الذي يغني المجتمع بالأفكار، والمشاريع، والابتكارات، وحيثما حلّ التعصب انحدرت الشعوب إلى التخلف والحروب الأهلية، ومعارك الكراهية التي تقتل زهور الإبداع، وتمنع الشمس عنها.
وهناك الكثير من المهاجرين الذين لا يبحثون عن المال، ومنهم من بلدان عربية ونفطية غنية، ورغم أنهم يتمتعون بمعدلات دخل عالية في أوطانهم، فإنهم يهجرونها، ويهرعون إلى دول ديمقراطية متسامحة.
بل إنّ رجال أعمال ومليارديرات، يؤثرون بلدان الغرب بسبب الحرية، والاعتدال، والأمن، فيحرصون على نقل أرصدتهم من بلدانهم إليها، ويفضّلون الاستثمار فيها.
فواز حجار، مهاجر سوري، بدأ عمله بمشروع “بيتزا” صغير، وحين دخل الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الأب، وزوجته باربرا بوش، مطعمه صدفةً؛ لشراء قطعة بيتزا، سمحا له بإطلاق اسميهما على المأكولات التي يحضّرها، لتطبق شهرته الآفاق.
ووصلت ثقافة تقبّل الآخر واحترامه إلى أقصى انفتاحها، حين تجد مهاجرًا نجح في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا، لكنه يجاهر بحبّه لبلده الأصلي، ويرفع علمها حتى في المحافل الرسمية، دون أن يثير ذلك الحفيظة.
كان الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية (نيكسون)، يتحدث دائمًا عن القيم الإنسانية والرحمة، التي طُبّقت بشكل عملي لا تنظيري، كما هو الحال في البلدان العربية والإسلامية، حيث يكثر الكلام وينقص الفعل، وانتقد ذات يوم أفراد شعبه بالقول “إن بعض الأمريكيين يميل إلى تصوير المسلمين على أنهم نمط واحد من الناس غير المتمدنين، غير النظيفين، المتوحشين وغير العقلانيين”، محذرا من نزعة العنصرية والكراهية، التي إذا ما تمكّنت من الشعوب نخرتها، وحالت دون وقوفها قوية، ماجِدة تحت الشمس.
الكاتب العراقي/ عدنان أبو زيد
تعددّت الأسباب، لكن الهجرة واحدة، بين من ينصرف عن بلاده، هربًا من الحرب والاقتتال
من ذلك، أنّ عائلة بوش ذات أصول انجليزية وألمانية، أصبحت السلالة السياسيّة الأكثر نجاحًا في التاريخ الأمريكي، بعد هجرتها
في حين نجحت الأغلبية من المهاجرين، في ضمان مصدر العيش الكريم والمستقبل الخالي من القلق، بسبب النظام الاجتماعي العادل
هناك الكثير من المهاجرين الذين لا يبحثون عن المال، ومنهم من بلدان عربية ونفطية غنية
بل إنّ رجال أعمال ومليارديرات، يؤثرون بلدان الغرب بسبب الحرية، والاعتدال، والأمن، فيحرصون على نقل أرصدتهم من بلدانهم إليها، ويفضّلون الاستثمار فيها.
بارك الله فيك استاذ
كلام جميل ورائع جدا عن الكفاحوالنضال
مقال متميز
أصبت كبد الحقيقة أستاذنا
التسامح خلق إنساني نبيل قبل كل شيء ما أحوجنا إليه في زماننا هذ..ا تسلم وبارك الله فيك
التسامح هو كلمة السر
ممتاز
شئ جيد للغاية
الشكر لصحيفة هتون بالتوفيق ان شاء الله
عبارات معبرة وتناول جيد للموضوع.. تسلم
اصبحت الهجره حديث كل شاب يبحث عن رزق اكبر …..واحسنت
موضوع مهم جدا
سلمت يداك
موضوع مهم جدا ومؤثر
بارك الله لك تناولت حقيقه
التسامح من الأخلاق الإسلاميّة التي يتصّف بها من كان في قلبه الإيمان الصادق
التسامح من أسمى الصفات التي أمرنا بها الله عزّ وجلّ ورسولنا الكريم، فالتسامح هو العفو عند المقدرة والتجاوز عن أخطاء الآخرين ووضع الأعذار لهم، والنظر إلى مزاياهم وحسناتهم بدلاً من التركيز على عيوبهم وأخطائهم
ثقافة التسامح تعمل على إزالة الحقد والكراهية الموجودة في ضمائر البشر
التسامح جزء من العدالة مقال جميل
مقال رائع
بارك الله فيك أستاذ عدنان.. مقالة جيدة تستحق القراءة أكثر ن مرة.. تشكر
جهد مشكور