إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الإعلام وما وصل به الحال

تعاني معظم وسائل الإعلام الجماهيري العربية من مشكلة باتت واضحة لكل عين، وهي ضعف أداء بعض الإعلاميين وكثرة الأخطاء التي يرتكبونها في عدة مجالات مثل اللغة والأداء والأفكار والطروحات، وكذا أيضاً عدم الوعي الكافي بتشريعات الإعلام وأخلاقياته.

وتبدأ المشكلة منذ بداية انخراطه في العمل الإعلامي، فكثير من هؤلاء الذين يقومون بأدوار الإعلاميين ووظائفهم لم يسبق أن تلقوا تأهيلاً جامعياً في التخصص، وربما تلقى بعضهم بعض الدورات السريعة القصيرة، وربما لم يحالفهم الحظ لمثل هذه الدورات أيضا. ناهيك عن عدم وجود الخبرة الميدانية والاحتكاك بأرباب الفكر والأقلام الرنانة في هذا المجال، فمن هنا نشاهدهم يقحمون أنفسهم في بعض البرامج والمواضيع دون علم ولا دراية، والمؤسف أنهم يتطرقون لمواضيع حساسة تهم شريحة كبيرة من المجتمع مستغلين تعاطف هذه الشريحة معهم وعزفهم على الوتر الحساس.

أيضاً استغلال الظروف الراهنة في المنطقة وتكييفها لمصالحهم الخاصة، والوصول إلى مآربهم غير عابئين بما تسببوا به من إسقاطات، واللامبالاة والمعاناة التي قد تنتج لبعض شرائح المجتمع عندما تظهر شريحة للإعلام وتغيب أخرى. كان حرياً أن يكون هناك نوع من الحيادية والعدل والمساواة، فأخلاقيات الإعلامي يجب أن تتحلى بالعدل والمساواة والحيادية.

ناهيك عن تقديم نسبة كبيرة منهم للمادة الركيكة المتهالكة، وخلوها من أبجديات الإعلام ومؤثراته. أيضاً عدم الإلمام باللغة العربية وفنونها، ولا يتعدى نتاجهم كونه حشو إعلامي.

زد على ذلك أيضاً أن عدداً لا بأس به منهم تجده على أرض الواقع منافٍ للدور الذي يقدمه، فمجرد الحوار معه ونقاشه والخوض في لب أفكاره تجده عقل خاوٍ، ولا يتعدى ما يقدمه مجرد تصنع، ويلجأ في أساليبه إلى المراوغة وتدليس الحقائق والذهاب إلى التبريرات أكثر من إظهار الحقائق، وإثباتها كي تكون حجته قوية ودامغة.

لا يقتصر ذلك على ما نشاهده على شاشات التلفاز فقط، بل وصل الأمر للإذاعة والراديو والصحافة (ومواقع التواصل الاجتماعي) التي اصبحت منصات تقدم من خلالها مواد إعلامية.

يجب على بعض الإعلاميين أو من انتسبوا لهذه المهنة، التي رغم جماليتها ونقاوتها ومتاعبها، أن يعوا أنهم مؤتمنين على ما يقدمونه، كل في مجاله، والحرص على تقديم المادة الجيدة التي تعود بالنفع للمتلقي، فهم يدخلون كل البيوت دون استئذان، ويصلون إلى كل المسامع ويستقطبون كل الأبصار، ويحظون بمشاهدة واهتمام الملايين بمختلف الفئات العمرية؛ لذا، فمن واجبهم علينا أن نقدم لهم كل ما هو جيد ومفيد متحلين بقوانين المهنة وتشريعاتها.

ولا أستطيع إغفال جانب للأسف نشاهده في الوقت الراهن من البعض في الإسقاطات المتكررة تجاه زملاء المهنة، فهناك من يكره أن يرى غيره ناجحاً، فديدنه الدائم التعمد في الإسقاط عليه ومحاوله طمس هويته كونه ناجحاً أو تغييبه عن الجميع، إما بتشتيت فكر ورأي العامة بإشغالهم بمواضيع أخرى، أو محاولته تسليط الأضواء على طرحه هو أو ما يقدمه، وانتقاد أعمال الغير، أو التقليل من شأنها.

وكان الأحرى به أن يقدم مادة جيدة تليق به كونه يطمح للنجاح، وتطوير نفسه وذاته، وانتقاء المفيد، والبعد عن المبذول والمستهلك، والبحث عن التميز.

هؤلاء المتسلقون على أكتاف المهنة صنعتهم الظروف والبيئة المحيطة، وما وصل إليه حال الإعلام للأسف في الوقت الراهن،  فأصبح موضوع أن تكون إعلامياً أمراً سهلاً وبقليل من الجهد.

رسالتي إلى هذ النوع:

أنت شخص مؤتمن على هذه المهنة، وهناك من يتابعك مهما كان مجالك، سواء كنت مقدماً تلفزيونياً أو مذيعاً لإحدى المحطات الإذاعية، أو كاتباً صحفياً، أو ناشطاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولك جمهور يرى فيك القدوة والمثل الأعلى، وهناك أيضاً جمهور من صغار السن يتابعك ومهتم بطرحك، وأنت تحملت على عاتقك هذا الدور، ولديك رسالة يجب أن تؤديها بكل أمانة وصدق واتزان، ما دام لديك المتسع من الوقت والمساحة الكافية.

قف للحظه وتأمل نفسك وأنت من يقيم عملك بكل صدق وشفافية، وتذكر .. نحن معاً نسير لتقديم مادة إعلامية هادفة والارتقاء بهذه المهنة الشريفة.

بقلم: أ/ ماطر بن عبد الله حمدي

مقالات ذات صلة

‫25 تعليقات

  1. اصبت استاذ ماطر حمدي

    فعلا الآن الكل اصبح إعلامي
    وللأسف ابعدت واخفيت رسالة الإعلام النزيه والصادق
    واستبدل مكانها المصالح الشخصية
    او مايسمى ” التسلق للوصول التسلق للوصول الى القمة كل أكتاف الجميع .

    عندما تحيد الأمانة ويستعاض مكانها بالتطبيل

    هنا أكتب عبارة ” الفساد والإعلام من يخدم الآخر ”

    ابدعت أستاذي الفاضل

  2. صحيح أستاذ ماطر حمدي الصحافة هي مهنة من لا مهنة له ويلجها كل من هب ودب حتى اختلط النابل بالحابل وتشابه علينا البقر، شكرا جزيلا لك وبارك الله فيك على تطرقك لهذا الموضوع الشائك..

  3. يجب على دارسي الإعلام أن يفهموا واقع المطبخ الإعلامي وأن يتميزوا عنه بما يؤهلهم للمنافسة

  4. أنت شخص مؤتمن على هذه المهنة، وهناك من يتابعك مهما كان مجالك، سواء كنت مقدماً تلفزيونياً أو مذيعاً لإحدى المحطات الإذاعية، أو كاتباً صحفياً، أو ناشطاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي..
    لذلك لا بد أن تقدر أمانتك حق قدرها وتبذل ما في وسعك لتكون على قدرها.

  5. أضم صوتي لصوتك يا أستاذ ماطر حمدي وأشكرك الشكر الجزيل على تطرقك لهذا الموضوع الشائك..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88