إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

تبكينا المشاعر، ولكن .. مَن يمكنه ذرف الدموع؟

المشاعر الإنسانية عديدة ومختلفة، ولها تأثيرات شديدة على النفس البشرية، منها ما يضحكنا ومنها ما يبكينا، وبفعلها قد ترتسم الابتسامة على وجوهنا أو تذرف الدموع من أعيننا؛ فالبكاء هو المتنفس الوحيد الذي نلجأ إليه للتعبير عما يجيش في صدورنا من ألم وضيق واختناق.

وقد تتشابه الدموع، ولكن تختلف المشاعر المسببة لها، فقد نبكي لفقدان حبيب أو غالٍ، وقد تكون الغربة عن الأهل والأحبة، ويمكن أن يكون سببها الخوف، أو الرعب، أو الغضب، أو الفرح، أو المرض، أو الإحساس بالظلم والقهر، … وغيرها من الأسباب التي قد لا يتحملها الإنسان ويقف عاجزًا أمامها؛ فيكون ذرف الدموع هو سبيله الوحيد للتخفيف من أثرها على النفس.

فالبكاء يعد أحد ردود الفعل البشرية الطبيعية التي تحدث نتيجة تعرضنا لأي موقف يهتز له الوجدان ويخترق المشاعر، فجميعنا رجالًا ونساءً نبكي، وأحيانًا قد تنساب دموعنا لا إراديًّا، فهي وسيلة للتعبير عن المشاعر والانفعالات والعواطف، وهي نافذة تخرج منها كل المشاعر الإنسانية التي تنوء بحملها النفس البشرية، وهي سلوك تلقائي لا يمكن التحكم فيه.

ولكل منا طريقته الخاصة في البكاء، فقد يكون البكاء من خلال النحيب، أو بكاء في صمت، أو حتى من خلال تغيير معالم الوجه، وكل هذه الإيماءات تدل على الشخص نفسه وطبيعته.

وعلى الرغم من شعورنا بالراحة في أغلب الأحيان بعد الانتهاء من البكاء، إلا أننا ربما نشعر بالخجل من إظهار حاجتنا إلى البكاء، ودائمًا ما نحاول منع الدموع من التساقط، خاصة أمام الناس وفي الأماكن العامة؛ لأنه يشعرنا بالضعف، على الرغم من أن فوائدها جمة على صحتنا بشكل عام، بل إن كتمانها هو ما قد يضرنا.

ولكن هل يتساوى الرجال والنساء في القدرة على البكاء؟

وهل نظرة المجتمع متساوية لكليهما عندما يغلبهما الدمع؟

الواقع يؤكد أن الرجال والنساء قادرون على البكاء، ولكن للنساء نصيب الأسد منها، فهن يبكين في كل حين، وفي أي وقت، وأمام أي موقف، فالمرأة لا تشعر بأي حرج من أن يرى أحد دموعها، وربما تحاول أن تخفيها عن أعين الناس في بعض المواقف لتظهر بعض التماسك، لكنها في أغلب الأحيان يغلبها الدمع، ولا تستطيع كتمانه.

أما دموع الرجال فهى دموع نادرة جدًّا، فقليلًا ما نجد رجلًا يبكي، وإن وجدنا رجلًا يبكي فهو بالفعل يكون في قمة شعوره بالعجز والقهر والحزن، وربما يثير عطف البعض لأنها دموع صادقة تعبر عن إحساس قاسٍ يمر به، فالرجال لا يبكون إلا في المواقف الصعبة جدًّا والقاسية، فهم في أغلب الأحيان متماسكون إلى درجة تجعل بعض النساء يصفونهم بأنهم أصحاب قلوب متحجرة.

أما عن نظرة المجتمع لدموع كليهما، فالمجتمع ينظر إلى دموع المرأة نظرة تقبل وتفاعل، بل ويتعاطفون معها، وينظرون إلى بكائها على أنه سلاحًا خطيرًا؛ تضعف أمامه أقسى القلوب، فهى تستطيع التعبير بها أكثر من التعبير بلسانها، باعتبارها الأكثر عاطفة ورقة.

أما الرجال فالمجتمع ينظر إلى بكائهم على أنه ضعف ودائمًا يحثه على كتمان مشاعره، وتجبره أن يكون مثل الصخر لا تتحكم فيه مشاعره وعواطفه،حتى أن الأمهات تربي صغارها على أن الدموع للأولاد عيب، ولا يصح أن يبكي الرجال، وأن البكاء للنساء فقط، وتناسوا أن الرجل في النهاية إنسان بين جوانحه قلب ينبض، ويحتاج أن يعبر عن نفسه وعن مشاعره، وينفس عن همومه، وتلك النظرة تشكل عبئًا للرجل، فعقله يرفض فكرة البكاء، ومع الوقت يفقد التوازن النفسي المطلوب، فبكاء الرجل يعبر عن حاجته للدعم العاطفي ممن حوله، ليساعدوه على استعادة توازنه وتخلصه من الضغوط النفسية.

التركيبة النفسية للرجل لا تختلف كثيرًا عن المرأة، فالمرأة قد تكون عاطفية أكثر ودموعها أسرع، عندما لا تستطيع أن تتحمل موقفًا ما؛ تبكي، فدموع المرأة هي سلاحها الذي تستخدمه حين تحتاج إليه، ومشاعر الحزن والأسى لا تفرق بين رجل وامرأة، فهناك مواقف معينة لا يستطيع الرجل أن يتحكم في انفعالاته خلالها، سواء كانت نتيجة حزن أو فرح، فتنهمر دموعه كتعبير عن مشاعره كإنسان يتأثر ويتفاعل مع الموقف، كفراق عزيز أو فقدانه، والشعور بالندم، والبكاء من خشية الله، فالبكاء نتيجة لحظة انفعالية معينة لا يتعارض مع قوة الرجل، ولا يقلل من قيمته، ولا يضعف من شخصيته.

ولكن يبقى السؤال الملح هنا … بعد أن تعرفنا على البعد النفسى للبكاء على قطبي الكون ونظرة مجتمعاتهما لهما حينما تغلبهما الدموع.

ترى من منهما لديه القدرة على البكاء فعليًّا، وبشكل علمي بغض النظر عن تأثير عادات وتقاليد المجتمعات الشرقية .. هل هو الرجل أم المرأة؟

بعيدًا عن تأثير المجتمعات على قطبي الكون، فالأبحاث العلمية تؤكد على أن الرجال لديهم غدد دمعية أقل بنسبة 60% من المرأة، وأن هرمون (البرولاكتين) المسئول عن ذرف الدموع، هو أقل عند الرجال منه عند النساء، وهنا يتضح لنا أن الرجل الذي لا يبكي كثيرًا، لا يعني أنه صلبًا قويًّا، ولكن لأنه علميًّا، ليس لديه الكثير من الدموع ليذرفها تباعًا لعاطفته، ولذلك فالبكاء ليس له علاقة أبدًا بقوة أو ضعف الرجال. ومع ذلك هذا لا يمنع أن بعض الرجال لا يستطيعون التحكم في كتمان مشاعرهم، والبكاء، لكن بمقارنته بالنساء فسنجد أن عدد تلك المرات ستكون أقل بكثير من النساء التي تبكي بصورة شبه يومية.

أي أن الرجال بطبيعتهم وتكوينهم الفيسيولوجى لا يملكون غددًا دمعيةً بما يكفى للبكاء باستمرار حينما يتعرضون لضغوط نفسية أو اجتماعية أو جسدية، وهذا على عكس السيدات اللاتي بإمكانهن ذرف الدموع في أي وقت؛ لتوفرها.

فسبحان الخالق له في ذلك حِكَم.

فقد خُلقَ الرجال أقوياء بلا دموع، وخُلقَت النساء ضعيفة بدموع كالأنهار، كسلاح فتاك تواجه به قوة الرجال، وبالرغم من ضعفها هذا تستطيع أن تمتلك قلوب أقسى الرجال.

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??

بقلم الأديبة العربية/ جيهان السنباطي

مقالات ذات صلة

‫32 تعليقات

  1. جمعت بين العلم والأدب، فالله دركم كاتبتنا الكبيرة والشكر موصول للقراء الأعزاء..دمتم بخير وأدام الله عليكم الفرحة والسرور

  2. سبحان الله العظيم سبحانه
    لله في خلقه شؤون

    بارك الله فيك أستاذتنا جيهان

  3. مبدعه استاذة جيهان حقيقي تتشابه الدموع وتختلف المشاعر وقد تتشابه الاسباب ولكن تختلف ايضا المشاعر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88