إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

اكتمال المهزلة

ليس من الغريب على وزيرة التربية والتعليم الجزائرية تأييد قرار فصل الطالبة الجزائرية، التي أدت صلاتها كمسلمة داخل مدرسة جزائرية دولية في فرنسا، والأكثر من ذلك، أن التلميذة قد تتعرض للفصل النهائي إن لم يوقع والدها على تعهد، بعدم قيام ابنته بالصلاة داخل المدرسة، التي اعتبرتها الوزيرة (ممارسة)!.

المسألة قد تفتح الشهية لأداء الصلوات الخمس داخل المؤسسات التربوية التعليمية الجزائرية، خاصة إذا عدنا للمادة 21 من القرار 778 المؤرخ في 1991، القاضي بتخصيص قاعة للصلاة داخل المؤسسات التعليمية، الأمر الذي سيراه جل القائمين عليها، جد طبيعي بغض النظر عن التأثيرات الإيجابية، التي ستنعكس على سلوكيات التلاميذ، فضلًا عن أن الصلاة وتأديتها تندرج ضمن التربية والتعليم، عوضا عن حالة الفوضى والانزلاق الأخلاقي الذي باتت تعاني منه مؤسساتنا التربوية التعليمية، في مختلف الأطوار والمراحل، لأن المنظومة التربوية بحد ذاتها، أُفرغت من المحتوى الإيجابي الرابط بين الروح والعقل، الأخير الذي يحيلنا مباشرة إلى حالة الفساد والتسيُّب الذي تشهده الجامعات الجزائرية عموما دون استثناء.

المؤسف في المسألة من وجهة نظري، أن “بنت غبريط” تعتبر الصلاة وتأديتها ممارسة، وهنا علينا وضع ألف سطر تحت هذا المصطلح، فإن اعتبرنا يا وزيرة التربية والتعليم المُوَقّرة، أن الصلاة كما ذكرتِ، فهي إذًا لا تختلف على ممارسة أي نوع آخر من الرياضات، والحركات، وكأن معاليها أرادت تجريد الصلاة من قدسيتها وروحانيتها.

الأمر المفزع والأكثر غرابة أن تمنع أيضًا فتح قاعات جديدة للصلاة داخل المؤسسات التربوية إلا بترخيص، كونها لا تدخل ضمن المرافق اللازم توفرها، بل ويجب تحويل قاعات الصلاة المتوفرة إلى قاعات تدريس، لمحاربة مشكل الاكتظاظ. هنا اسمحي لي -معاليكِ- بالضحك مطوّلا،أو ضرب أخماس بأسداس، لتتضح الصورة القاتمة في التفكير، وتكتمل المهزلة بجدارة. بربك ألم تجدي حلا للاكتظاظ إلا بتحويل قاعات الصلاة إلى قاعات تدريس؟ للحظة تذكرت السياسة الفرنسية إبان فترة استعمارها لهذه الأرض الطيبة، وهي تحوّل المساجد إلى كنائس، لتقضي على الهوية العربية الإسلامية فينا، وتطمسها، أو تبيدها عن بكرة أبيها.

تأكدي يا بنت غبريط، أننا لم نعد نطمع في قاعة للصلاة لأبنائنا داخل مدارس”ك” المسيَّجة، لأننا علمناهم كيف يسلكون الطريق إلى المساجد، والزوايا في جنح الظلام، وعلمناهم كيف يصلون في قارعة الطريق، مادامت الأرض طهورًا، وعلمناهم كيف يُصلون وهم في فراش الموت، وهم مسافرون… تأكدي جيدًا أننا نُلقّنُهم ما لا تُلقِّنِينه أنت ومنظومتك لهم.

كما وتأكدي أننا لا نعوّل على نشء تُسلَب منه كل لحظة، قيمة من قيَمهِ، وركيزة من ركائزهِ؟ بصريح العبارة لم أعد واثقًا، ولم أعد متفائلًا إلا في جيل لم يخرج من الأرحام بعد.

وكلّ ما يمكنني الختام به، أن أقول ما يقوله المغلوب على أمره عادة … الله غالب.

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫18 تعليقات

  1. من أبسط ما يمكن أن توفره وزارة التربية الوطنية في الجزائر هو مكان لأداء الصلاة، فهي ليست فقط عمل تعبدي هي أيضا شكل وطريقة تربوية وتعليمية مهمة.. والأمثلة في هذا المجال كثيرة..

  2. الصلاة وأماكنها ليست منة من أحد، والقيام بها أو عدمه لا يعتمد على قرار من وزيرة ولا تأييد منها.. الله غالب على أمره.

  3. “إن الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا” الأية ولأهمية هذا الركن شرعه الله في السماء وتسلمه الرصول صلى الله عليه وسلم مباشرة من عند الله عز وجل.. شيء من الخجل..

  4. “وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم”
    صدق الله عز وجل.

  5. لم نعد نطمع في قاعة للصلاة لأبنائنا داخل مدارس”ك” المسيَّجة، لأننا علمناهم كيف يسلكون الطريق إلى المساجد، والزوايا في جنح الظلام، وعلمناهم كيف يصلون في قارعة الطريق، مادامت الأرض طهورًا، وعلمناهم كيف يُصلون وهم في فراش الموت، وهم مسافرون… تأكدي جيدًا أننا نُلقّنُهم ما لا تُلقِّنِينه أنت ومنظومتك لهم.
    جميل جدا!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88