إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عن التطوع أحدثكم

كان يوم الأربعاء الماضي الخامس من ديسمبر هو اليوم العالمي للتطوع، لذا، آثرت أن يكون اشتياري اليوم عن بعض شجون التطوع.
باديء ذي بدء، أشير إلى أن العمل التطوعي لدينا في السعودية، وفي كثير من أقطار العالم العربي والإسلامي يعد ضئيلا؛ كمًّا وكيفًا، إذا ما قورن بمثيله في العالم الغربي والشرقي.

وقد ذكر الدكتور/ إبراهيم التركي قبيل أيام، – في تغريدات ومنشورات له هذه الحقيقة، وأورد عدة إحصائيات منها أن عدد جمعيات النفع العام، والعمل التطوعي في السعودية لا يتجاوز السبعمائة جمعية فقط، بينما بلغ في الولايات المتحدة مليونا وخمسمائة ألف جمعية، وفي فرنسا هناك أكثر من ستمائة ألف جمعية، وفي بريطانيا يبلغ تعداد الجمعيات والفرق التطوعية ثلاثمائة وخمسون ألفا، وفي استراليا بلغ تعداد المنخرطين في أعمال تطوعية ما يعادل ثلث عدد سكانها.

والعمل التطوعي لدينا يكتنفه مشاكل وعقبات عدة تجعل كثيرًا من الراغبين يزهدون فيه، ويؤثرون السلامة. وأشار الدكتور/ منصور الحارثي إلى شيء منها، في ندوة أقامها الهلال الأحمر بالطائف الأسبوع الماضي، بمناسبة اليوم العالمي للتطوع، شَرُفْتُ بحضورها، مُمثلاً لصحيفة (هتون)، التي نشرت تغطية موسعة لها.

[button color=”blue” size=”medium” link=”http://www.alhtoon.com/84443/” ]للاطلاع عليها اضغط هنا [/button]

والدكتور/ منصور الحارثي إذا تحدث في أمر كهذا، فَحريٌّ به أن يُسمع، لأنه ومنذ سنوات طويلة عضو وقائد في عدد من الفرق والجمعيات التطوعية في جدة، ومكة المكرمة، والطائف، ولا يُنبّئُك مثل خبير.

أشار إليها الحارثي – أن الحديث عن العمل التطوعي للأسف، يفوق حقيقته. وأن بعض المتطوعين يشغلون أنفسهم بالإعلام أكثر مما يشغلونها ببذل الجهد، وتحقيق الرسالة والأهداف من تلك الأعمال التطوعية.

وأكد على أهمية الفصل بين ما هو واجب وظيفي يجب أن تقوم به المؤسسة، وداخل ضمن مهامها ومسؤولياتها، وله ميزانية معتمدة، وبين العمل التطوعي. وعاب على بعض الجهات أنها تؤثر الاستفادة من خدمات المتطوعين لأداء شيء من مهامها الأساسية.

وحذَّر الحارثي، الشباب والفتيات المنخرطين في الأعمال التطوعية من المزايدة على جهودهم من بعض قيادات التطوع التي تستغل حماسهم للترويج لأنفسهم، وقال: “إنني أربأ بكم أن تكونوا مجرد أرقام، كأن يقول أحدهم متباهيا في أحد الاجتماعات الرسمية: (أنا مستعد أزودكم بــ “كذا وكذا متطوع)! وحذرهم ممن يبتغون الوصولية على أكتافهم.

وقال: إن ثمة وجه فاسد للتطوع عليكم التنبه له، وأشار إلى أن المتطوع هو من يَطْلُبُ التطوع، ولا يُطْلَبْ منه، لأن التطوع مبادرة نابعة من الذات، وأفضل تكريم للمتطوع هو التعامل معه بإنسانية.

نبَّه الدكتور الحارثي أيضًا إلى أهمية (التكاملية) في العمل التطوعي فيما بين فرقه المختلفة، وليس (التنافسية) التي باتت ظاهرة ملحوظة، وهي كفيلة – على حد قوله – بتقويض رسالة وغايات العمل التطوعي، وتسئ إليه.

وأشار ا إلى أن هناك (متطوعون خارج السرب)، ويعني بهم من يتطوع من أجل الشهادة، أو من أجل السيادة، أو بحثًا عن ضوء أو مكانة اجتماعية (بريستيج). وليس ما ذكره الحارثي هو كل العقبات، فثمة الكثير للأسف، ولدينا جمعيات خيرية فيها ممارسات خاطئة تتنافى مع رسالتها واسمها، (في فمي ماء)، وكيف ينطق من في فيه ماء!، وأقول إن بعضًا، وهم ولله الحمد – قليل؛ من قيادات تلك الجمعيات، والقائمين عليها، قد أَثْرُوا من خلالها؛ رواتب شهرية مجزية، مِنَحٌ وهبات، من هنا وهناك، وكل ذلك أحسبه حق مشروع لهم مقابل عملهم، ولكني أتساءل فقط؛ لو (كان يُطَاعُ لِقُصْيرٍ أَمْرٌ) لماذا لا تؤثرون على أنفسكم، وتتنازلون عن جزء من هذه الأموال للمؤسسات الخيرية التي تديرونها؟، ولو كان لي من الأمر شيءٌ أيضًا، لَرَجوْتُ كل قائد أو مسؤول في عمل تطوعي، أن يكون عمله بلا أي مقابل مادي، إلا في ظروف استثنائية تقتضي ذلك، ويكون المقابل يسيرا، على شكل مكافأة، وليس راتبًا شهريًا يفوق الخمسين ألف ريال أحيانا.

ويفترض بتلك الجمعيات أن تقدم خدماتها ومنتجاتها؛ ذات الطابع الاستثماري للجمهور بأسعار معقولة؛ (لا ضرر ولا ضرار)، وليس بأسعار مبالغ فيها استغلالاً لمسمى (الخيرية)!

وزِدْ على ذلك، يجب عليها أن تُحْسِنُ إلى من وظَّفَت، واستخدمت من الناس؛ مواطنين ومقيمين، وأن تعطيهم حقوقهم كاملة غير منقوصة؛ لأنهم وثقوا في المسمى، وأمَّلُوُا فيها خيرا أكثر مما هو عند مستثمرين آخرين.

ولكي لا تطغى نبرة التشاؤم على مقالي هذا، فإني أقول بيقين وقناعة تامة، إنه مما يبعث على الأمل، ويُشْعِرُ بالتفاؤل و الارتياح في مضمار التطوع في بلادنا، أن في شبابنا وفتياتنا خير كثير، ولهم أيادٍ بيضاء في أعمال تطوعية كثيرة تتم بشكل يومي، في مختلف مناطق ومحافظات مملكتنا العزيزة، وفي مجالات متعددة.

ختامًا: نحن باعتبارنا مسلمين، أولى بالتطوع من غيرنا، فالقرآن الكريم، والسنة النبوية، تضمنتا توجيهات تحث عليه، وتنصح به، وتبين أثر النية فيه، وعظم الثواب عليه قلَّ أم كَثُر، ومن ذلك قوله تعالى: (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) [سورة البقرة: آية 184].

ويكفينا أن مساعدة الرجل على ركوب دابته صدقة، وأنه ما من مسلم يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به أجر، وأنه في كل ذات كبد رطبة أجر، وأن بَغِيًّا من بني إسرائيل دخلت الجنة لأنها سقت كلبا، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، والسَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّه، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ، الصَّائِمِ النَّهَارَ، ومثل هذا وغيره كثير في كتب الصِّحَاح.

ولنا في سقيا سيدنا موسى عليه السلام الغنم لبنتي شعيب عليه السلام مثالٌ ناصع ٌعلى أهمية التطوع، وسورة الكهف العظيمة – التي نُدِبْنا لتلاوتها كل يوم جمعة – ذكرت لنا مواقف للخضر عليه السلام، وذي القرنين زاولا فيها بعضا من أعمال التطوع.

التطوع يا سادة ملف كبير وشائك؛ قضاياه متعددة ومتشعبة، متداخلة ومتقاطعة، ويحتاج إلى دراسة واعية وعميقة من قبل مؤسسات اجتماعية وأكاديمية، ومن الوزارات المعنية به، ومن قبل المتطوعين أنفسهم لتفعيله أكثر خدمة للوطن، وللإنسان عمومًا، ولإزالة ما لحق به من غبش، وما مسَّه من شبهات، وكذلك يحتاج إلى تأصيل ثقافته، ونشرها بين صفوف الناشئة والفتيان ذكورًا وإناثًا.

وبالله العون وعليه الاتكال.

??☘️??☘️??☘️????☘️??☘️??

بقلم الأديب  العربي/ خلف بن سرحان القرشي

مقالات ذات صلة

‫34 تعليقات

  1. إنه مما يبعث على الأمل، ويُشْعِرُ بالتفاؤل و الارتياح ويجعل القارئ يعطش المتعة هو كتاباتكم أديبنا ..
    سلمت أناملكم … ودام قلمكم لهتون وقراءها .. ودمتم بود

  2. التطوع خدمة انسانية ومن قام بها او حث عليها او سعى لها فله نفس الاجر والحسنات مقال وموضوع مفيد شكراد

  3. التطوع رئة للمجتمع يتنفس عبرها وسمة من سمات هويته ودليلٌ من دلائل خيريته
    والله تعالى يقول: “فمن تطوع خيرًا فهو خير له”
    نتمنى أن يؤتي طرحك الطيب ثماره اليانعة .. ودام ودادك .. ولا جف مدادك أبا سعد.

  4. مبدع دائما كاتبنا الرائع
    واختيار موفق ما شاء الله
    دام الله ابداعكم وتألقكم وننتظر جديدكم

  5. متطوع يتقاضى راتبا خمسين الف
    مبالغه
    مالمقصود منها !!!

    النقد امانة وديانة يحاسب عليها الكاتب
    لاشك ان العمل التطوعي يحتاج لمزيد عناية وترتيب وتخطيط
    وتكاتف مجتمعي ليرتقي وينضج اكثر
    والعمل يستوعب كل اطياف المجتمع بلا قيود والساحة تحتاج وتحتاج وتسع الجميع بلا تثريب او مصادرة جهود او تشكيك في نوايا او فرض رؤية او وجهة نظر قد تكون وتكون
    وفق الله الكاتب والصحيفه وسدد الخطى .

  6. موضوع كم يحتاجه مجتمعنا في الحث على التطوُّع
    وفقك الله يا أستاذ خلف على هذا الموضوع والتطرق عليه من كذا جانب ٠

  7. التطوع ثقافة إنسانية بالدرجة الأولى وتخضع غالبا للوعي الشعبي العام وطريقة التنظيم والتشريع المؤسساتي في كل دولة
    من الجيد أن يكون لهذا الجانب طرح إعلامي من فترة وأخرى

  8. لا ينقصنا أنشطة تطوعية بقدر ما ينقصنا شباب متطوع.. ثقافة التطوع تحتاج لمجهود كبير لإدارتها.. بارك الله في شباب المملكة

  9. لقد تحدثت عن جانب مهم في الحياة الاجتماعية ، يرغب فيه الكثيرون وهو التطوع ..
    وإن كان الوجه الحقيقي للتطوع ينحصر لدينا في مجال واحد غير خاف عليكم ، وما ترتب عليه أنتم به أعلم .
    لك تقديري على جرة قلمكم الرائعة

  10. تعزيز ثقافة العمل التطوعي وتحويله لعمل مؤسسي كفيل بإزالة اغلب التشوهات التي لحقت به
    شكرا للتغطية المتميزة للموضوع

  11. التطوع ..صفة جميلة ولو طبقت بمبادئها الحسنة لخرجنا بمجتمع مثالي متكامل يستقي تعاليمه من شريعة سمحةهي عنوان التطوع ..واسمح لي اديبنا الفاضل أن اشد على يدى الدكتور الحارثي في كل ما ذكر …عموما نحن على أبواب ألفية جديدة تحتاح المراجعة وترتيب الاوراق ومن ثم العودةبقوة ..فالوطن في حاجة لرجاله المخلصين لينثروا إبداعاتهم على هذا الثرى المبارك

  12. طرحٌ رائعٌ مبدعٌ ومستفيض تعودّناه من صاحب القلم البديع الأديب
    توأم الروح أبو سعد وفّقت وسُددت.

  13. الاعمال سواء تطوعية او غيرها لا تنجح بالاجتهاد
    يوجد معايير ولوائح مدروسة من قبل اهل الاختصاص تغطي كل ما يمكن ان يحدث ويخل بالعمل

    ما فيه اقدح من راسي
    هذا تخصص في الجامات يدرسون فيه الماجستير والدكتوراة

    نحن في بداية الطريق ومن سار على الطريق وصل

  14. الاعمال سواء تطوعية او غيرها لا تنجح بالاجتهاد
    يوجد معايير ولوائح مدروسة من قبل اهل الاختصاص تغطي كل ما يمكن ان يحدث ويخل بالعمل

    ما فيه اقدح من راسي
    هذا تخصص في الجامات يدرسون فيه الماجستير والدكتوراة

    نحن في بداية الطريق ومن سار على الطريق وصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88