الفنون والإعلامفن و ثقافة

مسلسل حلاوة الدنيا بين الأشواك والمفاجآت

كتبت / هتون العبدالعزيز

 يأتي مسلسل ( حلاوة الدنيا) ليحقق المفهوم الدرامي المميز لمسلسل  اجتماعي رومانسي في نفس الوقت ،وهو من إخراج المخرج حسين المنباوي ومن كتابة تامر حبيب مع مجموعة أخرى من السيناريست  و من بطولة عدد من النجوم على رأسهم قامتين من الممثليين التونسيين و ممن أسسوا نجاح للدراما المصرية الرمضانية مؤخرًا وهما هند صبري وظافر العابدين وبالإضافة لنجوم هم الفنانة أنوشكا، ورجاء الجداوى وحنان مطاوع”. وظهرت وجوه لأول مرة تخوض التمثيل منهم ياسمين غيث مصممة الأزياء وايضا سلمى أبو صيف عارضة الأزياء و هاني عادل وأحمد حاتم بالإضافة إلى مصطفى فهمي …واخرين .

ولو نظرنا للمسلسل  لوجدنا أن :-

  • المسلسل مفتبس عن مسلسل مكسيكي يدعي “Terminales”. مع الاختلاف الطفيف في الأحداث والذي نحن لسنا بصدد رصد الاختلافات بين النسخة المكسيكية ونسخة ( حلاوة الدنيا) حيث تدور احداث المسلسل فى اطار درامي حول امينة الشماع التي تعيش مع امها وجدتها واختها الصغرى و تكتشف قبيل موعد زواجها انها مريضه باللوكيميا لتتغير فى هذه اللحظة كل ما كانت ترتب له ولتبدأ فى اعادة النظر فى علاقتها بمن حولها وترك خطيبها (عمر) لها خاصة فى ظل وقوع عدد من المفاجآت  لها منها أن والدتها كانت تعيش قصة حب مع عمها قبل زواجها بأبيها وايضًا مفاجأة  أن أختها ( شهد ) لأبيها بعدما حضرت لأجل انقاذ شقيقتها (أمينه) والتبرع لها بنخاع لأجل القضاء على اللوكيميا  تتفاجأ  بأنها تتعرف على خطيبها (عمر) في العمل وتعيش معه قصة جديدة ..في حين أن أمينه قد تعرفت على سليم رجل الأعمال المصاب بورم سرطاني في الدماغ ونشأت بينهم علاقة حب تنتهي بالزواج لكن  تتفاجأ من جديد أمينة  بأن لدى سليم (طفل ) من علاقة سابقة دون إخبارها ثم تتوالى عليها المفاجآت التي تضع في دربها العديد من الأشواك أيضا فتتفاجأ بعودة المرض لها  وتصارع بين رغبتها بإجراء عملية نقل النخاع مرة أخرى من شقيقتها وبأسها من عملية الشفاء الكامل وعدم تكرار ذلك للمرة الثالثة … وحين ذلك يحدث أن تصاب بحادث هي وزوجها سليم الذي يعيش فترة تحت العناية المركزة لإصابته بغيبوبه عقب الحادث المروري ويستمر الأمر  لتتفاجأ  بوضع أختها علياء مع خطيبها حسن الذي تعامل مع شقيقتها بالساديه والعنف مما يجعل أمينه تصل لليأس ليس من المرض وأنما من المشكلات الاجتماعية المتكررة لها ولمن حولها الإ أن كل شخصية في المسلسل في نهاية القصة تتغلب على مشكلاتها بما فيهم  أمينة وسليم اللذان ظلا يتصارعان سويا مع المرض وينتصران عليه.

  • الحبكة الدرامية تتشعب وتصبح نوعًا من الأحداث الشائكة التي ترسم معاناة لشخصيات من المسلسل تحف طريق حياتهم الأشواك بعيدًا عن شخصية أمينه الشماع وسليم وهما محورا الحدث فكان لكل شخصية بالمسلسل خط درامي مختلف عن الأخرى .وكان رسم هذه الخطوط المتشعبة والكثيرة ضروريًا في ظل أن المسلسل يحتاج لأن يكون ثلاثين حلقة رمضانية والإ لو اقتصر الحدث على جانب او جانبين منه لإضطر الكاتب للسيناريو والمخرج أيضًا ( لمط ) الأحداث والحشو المكرر لاستكمال العدد المطلوب من الحلقات  ، وهذا يؤخذ لصالح المسلسل فلم نجد فيه نوعًا من الأطالة والتكرار التي لا داع لها والذي أصبحنا نجده في أغلب المسلسلات الرمضانية .

  • الممثلين مساندين في القصة لبعضهم البعض كفريق عمل واحد وكلا منهم يعد نجم بحد ذاته بالذات شخصيات عائلة (أمينه ) و( سليم ) فلا نجد كما هو أصبح  منبوذ وغير معتاد في الدراما المصرية نظام النجم الرئيسي الأوحد أو بطل العمل بل البطولة مشتركة بين أغلبهم .

 

  • الأداء للممثلين كان بارزًا وحقق النجاح للمسلسل لذا كان أداء كل منهم :-

هند صبري :-كما كانت في نجوميتها التلفزيونية المعتادة و التي تتفوق فيها على نفسها أكثر من الأفلام نجدها قد جسدت وتعايشت مع الشخصية بكافة أبعادها مما يجعل من نجومية هند صبري تتألق دومًا لكن تتفوق وتتميز في ( الدراما ) أكثر منها في مسلسلات الكوميديا مثل ( عايزة أتجوز) أو ( أمبرطورية ميم ) كما أنها تمتلك شجاعة مهنية في الأساس أن تقدم كل عام شخصية تختلف عن الأخرى وأيضًا لنجد أن هند صبري تلفزيونيًا أفضل بكثير من هند صبري سينمائيًا رغم نجاح أدوارها وخاصة دورها في فيلم ( الجزيرة) مع أحمد السقا .

ظافر العابدين : كما تعودناه غني عن الحديث عنه في تألقه عالميًا أو عربيًا وهو هنا جمع بين الأداء السهل الممتنع لشاب متفائل متطلع للحياة الايتسامة والكوميديا لا تفارقه وبين الأداء الشائك لشخصية رجل حائر غامض ومتوتر خصوصًا في لحظات الأعتراف بإبنه ومناقشه والده أو زوجته ( أمينه ) حول ذلك والأفصاح لها عن الأمر وأعادنا هنا لأداءه في مسلسل (نيران صديقة ) لذا يظل ظافر العابدين الممثل ذو السلاسة في الآداء والسهولة اكتسبها بخبرة السنين وخبرته في المجالات المتعددة  التي طرقها ليطل كل عام و في كل مسلسل بشخصية مختلفة و بجرعة تمثيلية دسمة مبهجة للعين والنفس.

أنوشكا : تميزت باقتدار وحرفية مهنية ودون سقطات كما عكست شخصية الإنسانة الحساسة المترددة في أخذ قرارها بالارتباط مع حبها الأول لأجل ابنتها بكل تألق لكن كانت في دور لايناسب سنها حيث أن من يراها يتوقع أنها أخت (لأمينة) أو ( لعلياء) لذا كان من الممكن أختيار غيرها وأكبر منها سنًا لهذا الدور ليكون الأم أو الاعتماد على ( مكياج ) يعطيها عمر أكبر .

رجاء الجداوي : الممثلة التي أينما وضعتها وجدت منها الحرافة والتميز والأناقة لاسيما وهي سابقًا كانت من أرباب الأزياء والموضة وكانت من ملكات الجمال في مصر فهي تجمل أي مسلسل تتواجد فيه .

هاني عادل : أدى دوره كما يجب إلى حد ما  حيث كان الدور قابلا لنوع من الخروج من حالة اليأس والألم التي كان يعيشها مع (أمينه) لكن ظلت تلازمه حتى بعدما تعرف على شهد وشق طريق أخر فكان جامد الوجه والأداء ينقصه نوع من ( الفرفشة ) فكأنه كان يحضر نفسه ومشاهديه لمفاجأة أن يكتشف أن شهد هي اخت خطيبته السابقة .وفي نظري أنه من أضعف الآداءات، فتمثيله بارد ولا يرقى لشخصية خطيب أمينه في البداية ويفضل أن يظل في الغناء من أن يمثل بهذه النمطية و أملي أن يتحسن آداءه.

حنان مطاوع : ابنها هو هنا نقطة ضعفها وهو المدخل الذي يدخل من خلاله طليقها ليؤثر على حياتها و من خلاله لعالمها ليدمر كل شيء فنجدها تحمل المعاناة والألم في حياتها  لكن صداقتها مع أمينه تعطيها الدافع للبدء من جديد فكانت ( مطاوع ) كوالدها ( كرم مطاوع ) رحمه الله ووالدتها ( سهير المرشدي) بصمة تعلو وتتألق من مسلسل إلى أخر.

نهى عابدين : لديها كممثله وعى من الداخل بدورها مع استمرار لها بالحضور القوى سواء في حلاوة الدنيا أو في (البارون ) أو (عشم إبليس ) واستطاعت أن تتعايش تمام مع الشخصية وقدمتها بمصداقيه عالية جدا لان الشخصية تقف على الحافة بين ظلم والدها لها وبين رغبتها الخروج من هذه المأساة لمعايشه أخوات لها من الأب كانت تشعر أنهن سبب حرمانها منه وأيضًا مواجهة أخواتها  بمعاناتها ومواجهة أمينة وهي مريضة بقضية علاقتها بـ ( عمر) خطيب أمينة السابق أو وقوفها في وجه حسن خطيب أختها علياء ….فكانت بعدة حالات وأدوار في مسلسل واحد وكل دور تقدمه تستطيع أن تصدق في تشكيله، فلديها قدرة التكوين، وكل مرة يمكنها أن تبهر المشاهد، فهى فهمت(شهد) بكل تفاصيلها فأصبحت لا يمكن الاستغناء عنها في أحداث المسلسل برمته .

 

سلمى أبو ضيف : تستحق الاحتفاء بها وترقب نجوميتها في التمثيل فهي لم تمثل – رغم صغر سنها على الدور الذي مثلته كفتاة ستصبح زوجة لرجل متزوج ولديه إبنه – دور الفتاة الطائشة السطحية التفكير و التي تهمها الموضه وبريق المال ….بل آثرت أن تظهر بدور فتاة جادة وناضحة العقل  لديها طموح وشجاعة في التعامل مع الأزمات ولذا أدت الدور بإتقان وآداء مميز سيظل عالق في ذهن المشاهدين أكثر من أدوارها في مسلسل لاتطفئ الشمس وغيره .

أحمد حاتم :كان يؤدي دوره بكل تلقائية حين كان ذلك الشاب الطموح المكافح في مشروعه والرجل الراقي المحافظ على طفلته يتيمه الأم لكن نتفأجا بعد انقلابه إلى شخصية معنفه لخطيبته دون مبرر حقيقي أنه كان يؤدي دوره بدرجة عالية من الانفعالية الطاغية التي تجعل المشاهد يستغرب من تحول الحدث فكيف شاب كان جنتل مان ورقيق يتحول إلى رجل همجي سواء في تعامله مع علياء أو مع اختها شهد ربما كان التأليف يريد وضع نقطة شائكة في المسلسل كما رأينا في أغلب الحلقات أننا نوضع أمام كم من المفاجآت والأشواك في طريق شخصيات المسلسل و تحول شخصية حسن هي نقطة لا تحسب لصالح المسلسل فكيف يتحول الحمل الوديع فجأة لوحش كاسر وأيضًا هل من المنطقي أن الإنسان الحضاري والراقي والمتعلم يتحول للهمجية والاستبداد في التصرف ؟!! .

مصطفى فهمي : كان يمثل دور العم ورغم قوة شخصيته كطبيب في الدور وقدرته الفائقة في عمله وحواره مع أمينه ووالدتها قبل المكاشفة عن ماضيه مع الأم ورغم قدرته على إدارة الأسرة التي تركها أخيه الإ انه كان كعم ذا موقف سلبي في الحلقات الأولى حيث أنه يتعامل مع بنات أخيه يتيمات الأب بنوع من الرسمية حتى مع أبنه أخيه الأخرى التي عاشت معه في شقته ( شهد ) لذا كان يؤدي دوره بطريقة الممثل الديبلوماسي المحنّك والذي ظهر ذلك أكثر في  تعامله مع (سليم ) ومع ( حسن ) واختياره الفاظه على مائدة المفاوضات الإسرية ويعد ممثل جيد كعادته ولديه خبرة كبيرة فى العمل الفني ولذا فأن الجمهور يتفاعل معه وينتظرتواجده دومًا رغم قلة ظهوره على الشاشة قياسًا بالممثلين من جيله ..

ياسمين غيث:التي تعد صاحبة قصة حقيقية مع مرض السرطان كانت تظهر في الحلقات بين أونه وأخرى لكن ظهورها الأول كان أكثر إثراء لها من ظهورها في أخر المسلسل حيث كانت تمثل في أول الحلقات بحيوية تتضح على ملامحها وتمثل شخصيتها بكل تلقائية لكن في الحلقة ماقبل الأخيرة كان يبدو عليها الإعياء وايضًا الشعور بعد الارتياح خاصة في الحوار الذي دار بينها وبين ( أمينة ) عن مرض سليم وعن الحادث وعن ضرورة أن تخضع أمينه للعلاج مرة أخرى ..ولا أدري ماسبب ذلك هل كانت شفاها الله تعاني من أعراض معينة أم ماذا؟!

  • الأحداث في المسلسل تصحح الكتير من الأخطاء الشائعة في اعتقادات العديد من الأشخاص حول مرضى السرطان  , ويقدم رؤية ايجابية للحياة عكس ماتم تداوله دون مبرر أن يدعو لليأس والكابة بل هو يقدم  قصة  تدعو في طياتها للتفاؤل والتمسك بحب الله وعدم الخضوع لليأس والقنوط من رحمة الله ، رغم أن هنالك مشهد لم أحبذه حين كانت (أمينه) تتحدث لأسرتها عن عودة المرض إليها وتصرخ بحوار مع الله عز وجل وعتاب لايجوز أن يتلفظ به مسلم نحو ربه وهو راجع ومرتبط  بالحالة النفسية التي كانت تعيشها فكانت تتساءل …انا عملت أيه وليه …..؟!! الخ و لكن يشفع لها خوفها من الموت كمريضه بمرض من الأمراض المستعصية الشفاء غالبًا  وكان بالإمكان معالجة هذا اليأس منها والقنوط من رحمة الله بأن تكون في غرفتها وحيدة تدعو وتتضرع لله وتبكي له بحرقتها وحيده تتحاور بدل من اللقطة  التي قامت بها على مشهد من أسرتها فأسقط في يدهم وعلت وجوههم علامات الذهول مما تقول .

  • هنالك بعض الأخطاء الطفيفة في المسلسل مرتبطة بالأزياء والمكياج والتصوير منها أن أمينه فور حقنها بالكيماوي للعلاج سقط شعرها وهذا غير صحيح فمريض السرطان لا يسقط شعره مباشرة ، كما أن شعرها سقط دون أن تسقط ( حواجبها ) كذلك الباروكات التي كانت ترتديها غير متقنة حيث يظهر شعرها الحقيقي من الداخل ملفوفًا ويبدو مع الباروكة القصيرة طويلا عنها ، كذلك ظلال الشعر الحقيقي لها اثناء عمليات التصوير ، و مكونات غرفة المستشفى كانت بحاجة لتكوين غرفة مريض حقيقية ….وأيضا المطعم الذي كان يملكه (حسن ) …..لكن هذه الملاحظات لم تؤثر على نجاح المسلسل وتفوقه بتاتًا .

  •  رؤية الكاتب كانت في الموضع المناسب لها  حيث قدم تجربة حقيقية تنب عن عظه وفكرة – من مامرت به أمينه وبالذات ( الحادث المروري ) الذي كان بالإمكان أن تموت فيه هي وزوجها سليم وليس بالسرطان – وراءها عدة أفكار مفادها أن الحياة البسيطة التي نعيشها بالرغم من نواقصها ومشاكلها ومآسيها تبقى رائعة وجميلة وحقيقية طالما هي مبنية بالأساس على ما هو صالح وخير ويرضي الله بالأمل بقدرته تعالى وأن من لم يمت بالسيف أو بالسرطان قد يموت بغيره فيتدفق هنا الأمل لدى مرضى السرطان أن الموت حقيقة حتمية على الناس جميعًا .

أخيرا أجد أن هذا المسلسل   جسد موضوع مختلف عن مايعرض حاليًا في الدراما المصرية التي أمتلأت بما يدور حول الطمع المالي والنصب والاحتيال في المجتمع المصري وتفشي المخدرات والقتل والعنف بين الأهل والعائلة الواحدة في أغلب ماعرض خلال ثلاث سنوات مضت بل هو هنا يعطينا فكرة عن دور الإسرة المتماسكة والتي يقف أفرادها بكل إيجابية وبطريقة سلمية مع بعضهم تحت أي ظروف والذي أتمنى أن ينتشر هذا النوع من الدراما الإنسانية  بدلا مما هو متفشي حاليًا من دراما وحشية  .

 

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. مسلسل جميل جدا والفنانه هند صبرى فنانه متألقه وتحسن اختيار اعمالها والمجموعه المشتركه معها فى المسلسل جميله جدا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88