إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

جمال خاشقجي بين ثلاثية: الحقيقة والشائعة والخيال .. الجزء الثاني

رحم الله خاشقجي، وأسكنه فسيح جناته ورزق أهله الصبر والسلوان، وأعان الله القائمين على تطبيق شرع الله من القصاص على الخير، ووفقهم لما فيه صالح البلاد والعباد، وحفظهم الله.
كان مقالنا السابق يتلخص في ثلاث نقاط رئيسية:
• في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لا تستطيع أن تخفي همسًا في الأذن، أو خبرًا غاص في أعماق البحر؛ فسيأتي الوقت ليطفو على السطح مجددًا.
• شدة الشائعة = الأهمية * الغموض
• لا تصدق كل ما يقال ولا نصف ما تبصر

يُسدل الستار لتبدأ أحداث المشهد، ويدخل جمال خاشقجي إلى السفارة السعودية في اسطنبول، وتنتظره بالخارج خطيبته، كما تقول لساعات.

تشتعل وسائل الإعلام ما بين تأييد وجوده داخل السفارة، وما بين مغادرته، وتزداد الأخبار اشتعالا وخيوطها تتراقص على أنغام الحقيقة والخيال وانطلاق الشائعات.

وما بين هذا وذاك تهدأ الأنوار؛ ليخرج صوت بعيد عن المشهد، .. رويترز وواشنطن بوست .. تنقلان عن مسؤولين أتراك أن خاشقجي “قُتل” في القنصلية السعودية.

استنكار ونفي وتأكيد وحرب إلكترونية شرسة تتأرجح بين ثلاثيتنا التي بدأناها حقيقة وشائعة وخيال.

تتوالى التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي وتنطلق الآراء الشخصية، بعيدة كل البعد عن التصريحات الرسمية.

ثم يتوالى ظهور الأدوار بالمشهد من أبطال ومساعدين و كومبارس، بما في ذلك الساعي الذي يقوم بعمل المشروبات، الجميع وجد تربة خصبة، ليمثل أي دور في المشهد، الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يعربون عن قلقهم إزاء اختفاء خاشقجي.

يظهر ترامب في تعليقة الأول ليعرب عن قلقه، وقد أعطى لنفسه تفويضا عن مسئوليته بنشر العدل في الأرض، ناهيك عن الرقص بين الخوف والقلق، فلا هو مؤيد لشيء، ولا معارض لعلمه بمكانه المملكة، ويعلم جيدا تأثيرها على الاقتصاد العالمي، والدليل على ذلك أنه طلب من المملكة زيادة إنتاج النفط عندما توترت علاقته مع ايران وفنزويلا؛ لدور المملكة في ضبط وتوازن سوق النفط العالمي.

ينتقل بنا المشهد إلى المشاعر الإنسانية والعزف على أوتار القلوب، لتعلن خديجة جنكيز، أنها التقت خاشقجي في مايو 2018، وإنهما كانا يخططان للعيش بين اسطنبول وواشنطن.

ثم يعود بنا المشهد؛ ليتحدث أردوغان أن الكاميرات قادرة على التقاط ذبابة، ويقول ترامب سنعرف قريبًا ماذا حدث.

وتبدأ مرحلة التصريحات الغير مسئولة من هنا وهناك، (يبدو أنه من المحتمل لدينا ولكن لن نصرح، مصدر رفض ذكر اسمه، على الأرجح، وأنت عزيزي القارئ ضاقت بك السبل لمعرفة الحقيقة).

غابت الحقيقة بين المصالح الشخصية والشهرة والمشاعر الإنسانية، والمتربصين لم يكفوا عن إشعال النار أكثر وأكثر؛ فتتناقل الأخبار وتنتشر الشائعات، وكأن الهدف الأسمى لكل هؤلاء تشتيت العقل والفكر.
ويخرج من يتوعد بعقوبات ومن يطالب باستفسارات، يخرج من جديد ترامب ويعلن أنه ربما قتلة مارقون، وتطلق وسائل الإعلام عن طريق الشماعة الرائعة صرح مصدر بدون ذكر أسماء، أو جهات مسئولة بالعديد من الأحداث التي يصدق بعضها ويتوارى معظمها خلف الستار.

ينتهي المشهد بإعلان النائب العام السعودي عن (وفاة خاشقجي) إثر مشاجرة واشتباك في القنصلية السعودية باسطنبول.

وتقوم الجهات الرسمية المكلفة بمهام كشف الملابسات ومحاسبة المتورطين، من هنا يتضح كيف أن خروج بيان رسمي يقطع الطريق أمام المتربصين، وكان من الأولى إعلان أي جهة رسمية مبكرا قبل اشتعال النيران.

هل ستتوقف الشائعات والقصص؟ وماذا عليك فعله عزيزي القارئ؟، لقد أرهقناك مع هذه الأقلام التي لا تكف عن الكتابة، ووسائل التواصل التي لا تقف عند حدود.

سنعود لمشهد قديم لترى القيمة التي حث عليها الدين وطبقها نبي الله سليمان عليه السلام في التأكد من المصدر لأى خبر يتراقص أمامك.

هدهد سليمان أخبره بما رأى مباشرة، ولم يقل سمعت قال تعالى ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) سورة النمل
‏ ومع كل هذا احتاط عليه السلام، وأراد أن يتأكد من الخبر ولم يستعجل الحكم.

قال تعالى (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) سورة النمل

أحتاج إلى مجلدات؛ لأكتب لكنني حاولت بعلمي البسيط، وعقلي المحدود، أن أسرد النقاط المهمة، وأختم بما عليك كقارئ ومتلقي فعله لمواجهة أي خبر ليس له جهة رسمية.

تؤمن وتثق بالبلاغات الرسمية، أن تعرض الحقيقة، وعلى الجهات الرسمية نشر الحقائق مبكرا؛ لأن الناس تريد الحقائق فإذا لم يستطيعوا الحصول عليها فإنهم يتقبلون الشائعات.

الثقة في القادة والزعماء أمر جوهري في مقاومة الشائعات، غالبًا ما تكون الشائعات الهجومية المسمومة نتيجة دعاية المتربصين.

الشفافية والنزاهة في تناول الأحداث يضيق الخناق على مروجي الشائعات والاصطياد في الماء العكر.
لست محققا ولا باحثًا؛ إنما أداعب خواطري البسيطة؛ لأسطر بعض الكلمات؛ وأشارككم كقارئ وليس كاتب ما يدور بداخلي.

حفظ الله بلاد الحرمين وسائر بلاد المسلمين ووحد صفوفهم على إعلاء كلمة الحق وتطبيق شرع الله.

☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️

بقلم الكاتب والأديب المصري / أشرف قطب 

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. كلام يلامس الواقع والحقيقة وكل مافي الأمر أن خيوط اللعبة تشابكت فلا تعلم عدوك من صديقك ..!

  2. الناس تريد الحقاءق فأن لم يستطيعوا الحصول عليها فأنهم يتقبلون الشاءعات
    اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

  3. اللهم احفظ بلاد الحرمين وساءر بلاد المسلمين ووحد صفوفهم علي اعلاء كلمه الحق وتطبيق شرع الله

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88