11المميز لدينااستطلاع/تحقيق/ بوليغراف / هستاق

الأسواق والنقل ومائدة الإفطار الرمضانية بمحافظة القنيطرة المغربية

تكاد حركية الأسواق التجارية والنقل في شهر رمضان المبارك تكون متشابهة في معظم المحافظات المغربية، فهي لا تنشط إلا في حدود الساعة الثالثة أو الرابعة عصرًا من كل يوم من أيام هذا الشهر الفضيل، فيما تكون شبه راكدة في الفترة الصباحية، بحيث تظهر الشوارع والأزقة خالية من المارة كما لو أن المحافظة يسكنها الأشباح، وهو الوصف الذي ينطبق على محافظة القنيطرة التي لا تبعد عن العاصمة الرباط إلا ببضع كيلومترات.

استطلاع : عبدالرحمان الأشعاري/المغرب

وسائل النقل بالمحافظة وباستثناء الوسائل الخاصة بالنقل المدرسي ونقل العمال والمستخدمين، يجري عليها ما يجري على الأسواق، فهي الأخرى لا تنشط إلا في حدود فترة ما بعد الزوال، في حين تكون في الفترة الصباحية شبه متوقفة بسبب خلود سكان المنطقة للنوم بعد ليلة حافلة بمجموعة من الطقوس الرمضانية تستمر من تناول وجبة الفطور حتى رفع آذان صلاة الصبح، صحيفة “هتون” الإلكترونية وللوقوف على تفاصيل هذه الأجواء الرمضانية تسللت إلى الأسواق واقتحمت محطات النقل العمومية والخاصة وتواصلت في هذا الإطار مع مجموعة من المواطنين وأصحاب الدكاكين والمحلات التجارية..

ازدحام وتدافع

المكان حي “أولاد وجيه” بمحافظة القنيطرة المتاخمة للعاصمة الرباط، الزمان الثالثة بعد ظهر يوم الاثنين 4 يونيو 2018م الموافق 19 رمضان 1439هـ، الدكاكين والمحلات التجارية تتنافس في عرض سلعها من خضر وفواكه وأسماك ولحوم وبيض وزيوت وبخور وعصائر وأطعمة وحلويات وغيرها من المعروضات التي يتزايد عليها الإقبال في هذا الشهر الفضيل، السوق مكتظ بالنساء والرجال والأطفال وكبار السن، جميعهم يتدافعون ويتسابقون من أجل اقتناء حاجياتهم من السلع المعروضة للبيع وسط أصوات الباعة التي تتعالى هنا وهناك وبترنيمات مختلفة تستميل المستهلكين وتثير شهيتهم لشراء بضاعتهم، “لقد تعودنا على هذا الازدحام، وهذا التدافع، لابد من شراء مستلزمات وحاجيات البيت، بصعوبة كبيرة وجدت سيارة أجرة صغيرة أقلتني من الحي الذي أسكن فيه إلى هذا السوق..” تُصرح أمينة المسكيني (45 عامًا موظفة) لـ“هتون”، واصفة الهدوء الذي يكون في الفترة الصباحية بـ”الهدوء الذي يسبق العاصفة”، في إشارة إلى أجواء الاكتظاظ والازدحام والتدافع بين المارة التي تصاحب عملية اقتناء وشراء مستلزمات وحاجيات البيت.

“كريمة بورحيم” سيدة في الثلاثينيات من عمرها ربة بيت، لا تخفي هي الأخرى تدمرها من هذا الاكتظاظ وهذه الصعوبة البالغة في اقتناء الحاجيات، تقول لـ“هتون” “في كل مرة أضطر فيها للخروج إلى هذا السوق لشراء السلع التي يحتاجها البيت يتملكني شعور مصحوب بالتوتر والقلق بسبب هذا الازدحام والتدافع ولولا بعد أسواق السلام الممتازة عن محل سكناي وصعوبة إيجاد سيارة أجرة والازدحام في محطات الباصات لذهبت إلى هناك، فرغم ارتفاع الأسعار بعض الشيء مقارنة مع أسعار هذا السوق إلا أن عملية اقتناء المستلزمات والحاجيات تكون في أجواء مناسبة ولائقة..”

وحول هذا الازدحام والتدافع أبى حميد الوردي (28 عاما بائع زيتون) إلا أن يتحدث لـ”هتون” عن الأذى والضرر الذي يلحق ببضاعته أثناء التسوق، يقول والألم يعتصر بداخله من شدة الأذى الذي يلحقه ويلحق سلعته “كلما كانت الساعة تشير إلى الثالثة عصرا أجدني أضع يدي على قلبي من هول التدافع بين المارة خوفا من سقوط بضاعتي على الأرض وتعرضها للتلف، ولذلك أضطر إلى تركيز اهتمامي كله على حماية البضاعة من التعرض للضرر وأتحول بذلك من بائع إلى حارس لهذه البضاعة”، مشيرا إلى أن ذلك يحدث على الرغم من أن السلع متوفرة في هذا السوق وهناك عروضا مميزة من البضائع وبكميات تفوق الحاجة بكثير”.

محطات النقل.. محنة وانتظار  

محطات النقل بالمحافظة سواء سيارات الأجرة أو تلك الخاصة بالباصات، هي الأخرى تشهد في هذه الفترة ازدحامًا يقلق راحة بال المواطنين، يحكي أمين بلفلاح (33 عامًا مستخدم) لـ“هتون” معاناته مع وسائل النقل العمومية في هذا الشهر الفضيل، فيقول “مشكلتنا مع الباصات في هذا الشهر الكريم أصبحت لا تطاق لأنها تؤثر أكثر على حياتنا اليومية سواء في عملنا أو أثناء تنقلنا لقضاء حاجياتنا وأغراضنا”، مبينا أن المشكل يكمن على وجه الخصوص في قلة أعدادها، إذ لا يمكنها استيعاب ونقل كل هذا الحشد الهائل من المواطنين”.

حميد ليس وحده من يعيش محنة الانتظار ومحنة إيجاد وسيلة نقل خاصة أو عمومية، بل يشترك معه في ذلك العديد من المواطنين، تؤكد حليمة البوفي (55 عامًا موظفة بالقطاع الخاص)، لـ”هتون” “وسائل النقل في هذه المحافظة تحولت إلى جحيم لا يمكن تحمله فبمشقة الأنفس وبصعوبة بالغة قد تجد وسيلة نقل تقلك إلى المكان الذي تريد وأحيانا قد لا تجدها، لابد من إيجاد حل لهذه المعضلة، لابد من تنفس الصعداء ووقف هذه المحنة”.

وينضاف إلى محنة الانتظارات الطويلة في محطة الباصات مشكل آخر يتمثل في تقادم الأسطول واهترائه وانتهاء صلاحيته، مما جعله فقط عبارة عن هياكل متنقلة تجوب شوارع المحافظة، وهو ما جعل المواطنين يعانون الويلات بسبب ركوب باصات من دون كراسي ومن دون أبواب ونوافذ، وبسبب كذلك سوء المعاملة الحاطة من الكرامة من قبل العاملين في هذه الباصات.

التهامي العلام (48 عامًا سائق باص) أسر لـ“هتون” بأن الشركة تتطلع في غضون الأشهر القادمة تجديد أسطولها بشراء باصات جديدة وتحسين أجواء الولوج والاستقبال والمعاملة عن طريق تشغيل مستخدمين جدد، مشيرًا إلى أنه على الرغم من كل ذلك فإن حال أسطول هذه المحافظة هو أحسن بكثير من حال أسطول العديد من المحافظات المغربية، كما هو الحال بالنسبة لأسطول العاصمة الرباط.

مائدة الإفطار.. حلويات وأطباق مميزة

القاسم المشترك بين موائد الإفطار عند أغلب الأسر المغربية هو إعداد مجموعة من الأطباق المميزة التي تثير شهية الأكل، إذ لا يمكن الحديث عن موائد رمضان دون ذكر حلوة “الشباكية” و”السفوف”، ودون ذكر كذلك طبق “الحريرة”، الذي عرفه المغاربة منذ أزيد من ثلاثة قرون وتحديدا منذ عهد المرينيين، و”المسمن” و”الملوي” و”البغرير” و”البريوات” والحليب ومشتقاته والتمور بكل أنواعها وأشكالها.

تصرح رقية السبتي (60 عاما ربة بيت) لـ”هتون” “مائدة الإفطار الرمضانية لها طقوس خاصة في المغرب، ومن أهم طقوسها شربة “الحريرة”، التي تعد الطبق الرئيسي فيها، بحيث لا يمكن الاستغناء عنه، فهو رمز للموروث الثقافي المغربي، وهو العنوان العريض للمائدة”، مشيرة إلى أنه يتميز فضلا عن ذلك بغنى مكوناته الغذائية إذ يمد الجسم بالبروتينات التي استهلكها الشخص طيلة يوم إمساكه عن الأكل.

كما يحرص أهل هذه المحافظة وغيرها من المحافظات على تأثيث مائدة الإفطار كذلك بمختلف أنواع أطباق الأسماك، وعلى الخصوص طبق سمك السردين، الأكلة المفضلة عند معظم المغاربة، إذ لا تكاد تخلوا مائدة إفطار منه نظرًا لغنى مكوناته الغذائية ونظرًا لمذاقه اللذيذ.

وبعد الانتهاء من وجبة الإفطار يتعطر الجميع بمختلف أنواع الطيب والبخور ويلبسون أحسن الثياب (الجلباب التقليدي) استعدادًا للذهاب إلى المساجد لتأدية صلاة العشاء ثم التراويح، التي تحظى بأهمية بالغة لدى المغاربة المتمسكين بالمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني منذ قرون خلت، وهي فرصة للتعبد والتقرب إلى الله وطلب الرحمة والمغفرة والرضوان.  

ويقصدون تحديدًا المساجد التي يؤمها قُرّاء يُحسنون القراءة ويتوفرون على أصوات شجية يقول سمير المرادي (23 عامًا طالب باحث بشعبة الشريعة الإسلامية) لـ“هتون” “شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم، وقد كان السلف الصالح يعتنون ويهتمون به اهتمامًا كبيرًا قراءة وتعلمًا وفهمًا وتدبرًا، ولذا وجب اقتفاء هذه الآثار الطيبة والسير على نهجهم ووضع القرآن الكريم في صلب اهتماماتنا نقرأه ونتعلمه ونعلمه لأبنائنا..”، موضحًا أن من شأن ذلك أن يحفظ هذا الدين ويجعله ينتقل بشكل سلس وعلمي من جيل إلى جيل ويضمن للجميع حق تعلمه ودراسته والاجتهاد فيه.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. اذا كانت الحياه صعبه فى هذا الشهر بسبب الزحام فطقوس هذا الشهر وحلاوته وبركته تهون علينا مشقته اعاده الله علينا بالخير واليمن والبركات وكل عام وانتم بخير

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88