القنيطرة.. محافظة تتمدد على مقربة من العاصمة الرباط

تقع محافظة القنيطرة التي تعتبر من كبريات المحافظات المغربية وأهمها على الإطلاق في الشمال الغربي للمملكة، على الضفة الجنوبية لنهر سبو على بعد 12 كلم من المصب بالمحيط الأطلسي عند مصطاف المهدية، وفي ملتقى الطرق التجارية الرئيسية والهامة الرابطة بين محافظات شرق وشمال المملكة ووسطها (فاس، مكناس، تطوان، طنجة، الرباط والدار البيضاء).

زياد القصابي/المغرب

قصبة المهدية

وحملت المحافظة قبل أن تعرف بـ”القنيطرة”، مجموعة من المسميات، منها “حلق المعمورة” و”حلق سبو”، وعرفت كذلك باسم جلالة Margueurite و هي نبتة تورق زهرة صفراء اللون كانت تغطي أكثر مساحات المدينة قبل تعميرها وهذه الزهرة صفراء اللون كانت تستعمل بعد تصفيفها في تشييد النوايل (جمع نوالة) وهي نوع من السكن أصله من إفريقيا السوداء ظهر مع حلول الجيوش السينغالية إبان الحرب العالمية الأولى ما بين سنوات 1914 و1918.

وعلى الرغم من ارتباطها ارتباطًا وثيقًا بقصبة المهدية التي يرجع تاريخ بنائها إلى القرن السادس قبل الميلاد على يد “حانون القرطاجي” الذي أقامها فوق هضبة صخريـــة عـنــد مصــب نهــر سبــو علــى أنـقـــاض محافظة “تيماتريا”، إلا أن محافظة القنيطرة تعتبر في نظر المؤرخين حديثة عهد بالبناء والنشأة، إذ لا يتعدى تاريخ ولادتها 120 سنة، بحيث لم تكن إلى حدود سنة 1895 سوى عبارة عن ميناء أقامه المقيم العام الفرنسي، الجنرال ليوطي من أجل إقامة حامية عسكرية بالقرب من كل من قصبة المهدية والقنطرة التي بناها القائد، علي أوعدي منذ أواخر القرن 17، ودمرتها القوات الاستعمارية الفرنسية سنة 1928.

تطور الحركة التجارية 

ومنذ شهر شتنبر من سنة 1912 بدأت أولى السفن ترسو بميناء القنيطرة، وما بين 1913و1917 تطورت الحركة التجارية بالميناء ليبدأ بعد ذلك مجموعة من التجار بالاستقرار بمحاذاة الميناء، وقد بلغ عدد المستقرين آنذاك حوالي 1100 نسمة من بينهم 600 شخص أوروبي و500 من المغاربة، وفي سنة 1916 بلغ عدد السكان حوالي 3100 من بينهم 2000 مغربي و 1000أوروبي، وأمام هذا التطور السكاني قرر السلطان مولاي يوسف تأسيس محافظة القنيطرة بموجب ظهير رجب 1331 هجرية الموافق ليونيو من سنة 1913.

ويرى المؤرخون أن صدور قرار الإقامة العامة في فاتح يناير 1913، والذي تم بموجبه فتح ميناء القنيطرة النهري للملاحة التجارية، يعتبر منعطفًا حاسمًا في تقوية وتعاظم دور محافظة القنيطرة واتساع نفوذها ومجال إشعاعها، وذكروا أن دور هذا الميناء كان مقتصرا على النشاط العسكري حيث كان يتم به إنزال القوات الاستعمارية والعتاد العسكري والمؤونة والمواد المختلفة وإرسالها إلى داخل البلاد في اتجاه فاس والمناطق المجاورة مرورًا بالطرق المخزنية التقليدية وذلك من أجل إخماد الانتفاضات الشعبية الرافضة للاحتلال، مبينين أن لإشعاع الميناء انعكاسات إيجابية في جلب الاستثمارات خاصة في الميدان الصناعي كالصناعات الغذائية والكيماوية والمعدنية وفي ميدان البناء أيضًا، وساهم في هذه الطفرة والنمو الصناعي المتميز انخفاض الضرائب وضعف الأجور والتكاليف العائلية.

محطة تجارية وصناعية

وإلى جانب ذلك، تعتبر محافظة القنيطرة قاعدة تجارية وصناعية بامتياز، بحكم موقعها الجيوستراتيجي القريب من العاصمتين الإدارية والاقتصادية للمملكة، إذ توجد بالمدينة فضاءات تجارية كبرى ومتوسطة، مثل أسواق السلام، بالإضافة إلى بعض المشاريع المرتقبة أو في طور الإنجاز كالسوق الممتاز acima والمركز التجاري الخبازات.

وتسعى الجماعة الحضرية لمحافظة القنيطرة في هذا الإطار إلى إعادة تأهيل سوق الجملة للخضر والفواكه والأسواق الجماعية (كالسوق المركزي، سوق الحرية، سوق المسيرة ومنطقة الخبازات في إطار برنامج “رواج” الذي يهدف إلى عصرنة تجارة القرب وتحسين تنافسها، كما تسعى إلى تنظيم وهيكلة مجموعة من الأسواق كسوق العلامة، سوق بنعباد، سوق الوئام، سوق الحي الجديد وسوق لابيطا، بالإضافة إلى عزمها إنشاء مناطق للتنشيط التجاري بالمدينة، في أفق بناء ووضع بنيات تحتية عصرية تستجيب لمتطلبات المستهلك وذلك عن طريق تنويع العرض وتنظيم النسيج التجاري الحالي.

على المستوى الصناعي، تشكل المنطقة الحرة الصناعية المسماة أطلنتيك فريزون Atlantic free zone، بالإضافة إلى المناطق الصناعية المتواجدة بالمحافظة (الحي الصناعي البلدي والحي الصناعي بئر الرامي، ومناطق التنشيط)، رهان التنمية الصناعية، بحيث تقدر استثماراتها بحوالي مليار أورو على مساحة تصل إلى 344 هكتار، إذ يمكن من خلق حوالي 30 ألف منصب شغل منها 20 ألف مباشرة و10 آلاف غير مباشرة، زيادة على ذلك، فهذه المنطقة الحرة الصناعية للتصدير تتميز باحتضانها لعدة أنشطة صناعية مثل صناعة السيارات، الصناعة الإلكترونية، الصناعة الغذائية، صناعة النسيج والجلد والصناعة الكيماوية والشبه الكيماوية، أما الباقي من المساحة فيخصص لتهيئة المنطقة الحرة لأنشطة صناعية أخرى مختلفة.

محافظة القنيطرة في سطور

الوضعية الجغرافية

تقع القنيطرة بالجهة الشمالية الغربية للمملكة.

عدد السكان

يصل عدد سكانها إلى حوالي 400.000 نسمة.

المساحة

مساحتها تقدر بحوالي 4745 كلم مربع.

الموقع الجيوستراتيجي

تبعد عن محافظة العاصمة الرباط بحوالي نصف ساعة من الزمن، وعن الدارالبيضاء بساعة، وعن محافظة فاس بحوالي ساعتين، وعن محافظة مراكش بحوالي أربع ساعات من الزمن.

الربط عبر الطريق السيار

يمكن السفر انطلاقًا من محافظة القنيطرة في اتجاه الشمال، الوسط أو جنوب المملكة باستخدام شبكة واسعة من الطريق السيار.

الربط السككي 

تمكن شبكة السكك الحديدية من ربط المحافظة بمختلف أرجاء التراب الوطني، بالإضافة إلى أنه سيتم تشغيل خط سككي فائق السرعة (تي جي في) بمحور طنجة القنيطرة انطلاقًا من هذا العام (2018).

الربط الجوي

يبعد مطار الرباط سلا عن محافظة القنيطرة بحوالي 25 كلم.

الربط البحري

تتوفر المحافظة على ميناء نهري على ضفاف نهر سبو يعتبر الوحيد من نوعه في المغرب.

الموارد الطبيعية

توجد المحافظة على مقربة من نهر سبو الذي يعتبر من بين أكبر الأنهار في المغرب، لكونه يتوفر على أعلى صبيب ويبلغ طوله حوالي 600 كلم، كما تتوفر المدينة على أكبر غابة في المغرب، هي غابة المعمورة التي تمتد على مساحة 125 ألف هكتار، وتمتاز بتنوع غطائها النباتي، أضف إلى ذلك أن المدينة تحيط بها عدة محميات طبيعية من بينها محمية سيدي بوغابة التي لا تبعد عنها سوى بـ10 كيلومترات.

الموارد المائية

المنطقة تتوفر أيضًا على موارد مائية مهمة تقدر بحوالي 75.6 متر مكعب، يخصص منها 5.3 مليار متر مكعب لسقي الأراضي الفلاحية.

مواقع أثرية

المنطقة أيضًا كانت محطة عبور واستقرار بالنسبة للعديد من الحضارات عبر حقب مختلفة من التاريخ، وهكذا فهي تزخر بالعديد من المواقع والمعالم الأثرية التي تشهد على الماضي الزاهر للمنطقة، ومن هذه المواقع موقع تموسيدة الذي يوجد على الضفة اليسرى لنهر سبو، وموقع قصبة المهدية التي تقع عند مصب النهر نفسه على المحيط الأطلسي، وتضم بنايات ذات الطابع الهندسي المتميز ونذكر منها منزل القائد الريفي والذي بني خلال القرن السابع عشر الميلادي وحمام خاص ذو نمط إسباني – موريسكي، ومخازن مياه ومسجد وكذلك مجموعة من الفنادق والمحلات.