11المميز لدينااستطلاع/تحقيق/ بوليغراف / هستاق

“أيت عبدي”.. قبيلة يُحاصرها الفقر والصقيع والثلوج.

“إن مطالبنا بسيطة، تتمثل في تحسين ظروف العيش بمنطقة جبلية، صعبة المسالك، يعاني فيها الصغار مشاكل الالتحاق بالمدارس خلال فصل الشتاء، كما يعاني المرضى مشاكل الاستفادة من العلاج، خصوصًا النساء الحوامل، والمسنون..”.

تقرير مصور  / زياد القصابي -المغرب

العبارة أعلاه جزء من تصريح صحفي كان أحد سكان قبيلة أيت عبدي التابعة لتراب محافظة أزيلال (جنوب الرباط)، المحاصرة بالثلوج والصقيع، قد أدلى به لإحدى وسائل الإعلام الوطنية، وهو تصريح يختصر أهم مطالب الساكنة في جملة واحدة، والتي يظهر أن من بينها، شق الطريق وبناء المسالك التي من شأنها تمكين السكان من المرور من أجل قضاء مصالحهم الخاصة، على اعتبار أن الزائر إلى منطقة أيت عبدي، سيجد أن الممر الوحيد لهذه الساكنة من أجل جلب الماء والمئونة مثل الدقيق والشاي والسكر والدواء فضلا عن الأغطية والألبسة، هو ممر قمة “تيزي نملغاس”، في رحلة تستغرق زهاء الـ10 ساعات فوق ظهور البغال، بل إن السوق الأسبوعي الذي يقتنون منه حاجياتهم الضرورية يحتاجون للوصول إليه مشيا على الأقدام، قطع حوالي 8 ساعات، ذلك أن هذه الساكنة التي ترزح تحت عتبة الفقر المقذع، ما تزال تعيش بطريقة بدائية.

ونفس الممر يستغل أيضا لنقل من صعبت ولادتها من النساء الحوامل فوق النعوش في الوقت الذي تقل فيه كمية الثلوج، أما في موسم الأمطار والثلوج، فإن أمر السفر خارج حدود القبيلة يعتبر شيئا غير ممكن التحقق،  ما يؤدي حتما إلى سقوط وفيات في صفوف هؤلاء النساء وأيضا في صفوف الأطفال والشيوخ الذين لا يقدرون على تحمل شدة وقساوة فصل الشتاء القارص، الذي تكثر وتنتشر فيه مختلف أنواع الأوبئة،، ومن تمة كان من بين مطالب السكان الأساسية أيضا التدخل العاجل من أجل بناء دار للولادة لفائدة نساء المنطقة للحد من الوفيات نتيجة الولادة في ظروف غير صحية، وكذلك بناء مركز صحي وتجهيزه بمختلف أنواع الأدوية والأدوات الطبية، لتقديم العلاجات الضرورية للأشخاص المصابين بالأوبئة التي تؤدي أيضا إلى نفوق عدد كبير من رؤوس الماشية، إضافة إلى الحد من مضاعفات الأمراض المزمنة المترتبة عن نزلات البرد الحادة، كما يطالب السكان بضرورة فك الحصار عن منطقتهم، ومدهم بالتغذية العاجلة، والأغطية، والألبسة، والدواء، إضافة إلى توفير المواد العلفية لماشيتهم، بعد أن طمرت الثلوج الكلأ، وتوفير سيارة إسعاف مداومة بالدواوير لنقل حالات المرضى المستعجلة للاستشفاء، إضافة إلى كاسحة للثلوج مداومة بالدواوير، لرفع أنقاض الثلوج.

وعلى الرغم من أنه تم تصنيف هذه المنطقة الجبلية من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في خانة المناطق المشمولة بجبر الضرر الجماعي، على اعتبار أن سكانها تعرضوا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال انتفاضتي 17 مارس/آذار 1960 و3 مارس/آذار 1973، وعلى الرغم كذلك من أن هؤلاء السكان سبق وأن نفذوا العديد من الاعتصامات والمسيرات مشيا على الأقدام في اتجاه بعض المؤسسات العمومية، إلا أنهم مازالوا إلى حدود اليوم محرومين من أبسط الحقوق مثل المواد الغذائية والأغطية والألبسة وحطب التدفئة والدواء، فضلا عن الرعاية الاجتماعية والسكن اللائق والطرقات والمرافق الأساسية كالمستوصف والمدرسة وغيرهما، أما الحقوق الاقتصادية والسياسية فلا مجال هنا للحديث عنها، نظرا لعدة اعتبارات، أهمها الواقع البئيس والبدائي الذي يعيش تحته هؤلاء، وكأنما الأمر يتعلق بجماعة من البشر تتواجد خارج مدار التاريخ.زد على ذلك، أن تضاريس هذه المنطقة الجبلية لا تظهر عليها أية معالم من معالم نشاط فلاحي أو تجاري أو أي شيء آخر، ولذلك كان من بين مطالب الساكنة الرئيسية أيضا خلق نوع من الرواج الاقتصادي داخل المنطقة، عن طريق مد السكان بالمساعدات المادية التي تمكنهم من خلق نوع من الاستثمار المرتبط بالأرض والذي من شأنه أن يزيد في مداخيلهم ويوفر لهم بالتالي أسباب العيش الكريم، أيضا المنطقة محرومة من الاستفادة من الربط بشبكة الماء والكهرباء، إذ تعد من بين الدواوير التي تتزود فقط من مياه العيون، ما يزيد في معاناة السكان الذين غالبا ما يضطرون إلى قطع المسافات الطوال من أجل الحصول على قطرة من الماء.

السكان يطالبون أيضا بتوفير دار للطالب التي من شأنها مساعدة أبناءهم على متابعة دراستهم الإعدادية، فدار الطالب الوحيدة الموجودة بدوار أيت محمد لا يمكنها أن تستقبل سوى 96 طالبا، في حين أن الطلبات توجد بالمئات، الشيء الذي يجعل التلاميذ الذين لا يستفيدون من خدمات هذه الدار، يضطرون إلى الإقامة والمبيت في المقاهي التقليدية، مما يجعل حياتهم تظل معرضة لأي خطر محتمل، كما يطالبون بتوفير النقل، إذ أن وسيلة النقل الوحيدة الموجودة في المنطقة، لا تعدو أن تكون مجرد سيارة مهترئة، تتكدس فيها أجساد آدمية مع أجساد الماشية وأكياس الأمتعة في رحلة مكوكية كل شي فيها محتمل، من العطب إلى الحادثة إلى التعرض لأذى العصابات المتخصصة في السرقة.

وفي هذا الإطار، سبق لمسؤول بجهة تادلة أزيلال، أن قدم وعودا لممثلي ساكنة أيت عبدي وممثلي باقي القبائل خلال لقاء تواصلي كان قد عقده معهم في وقت سابق، أكد فيه أنه سيبدأ في إنجاز دراسة منذ اليوم الموالي، تخص المنطقة، والبحث عن مصادر تمويلها بدق جميع الأبواب، كما وعد الساكنة بإعادة زيارتهم في القريب العاجل لتفقد أحوالهم، غير أن شيئا من ذلك لم يكن، لتظل مطالب الساكنة المستعجلة معلقة.

 

مسؤول آخر، قال أثناء هذا اللقاء التواصلي، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام حينها، أن حجم المشاريع الاستثمارية المنجزة والمبرمجة من لدن مختلف مصالح الدولة بتراب جماعة زاوية أحنصال إحدى المناطق القريبة من أيت عبدي هو 71 مليون و340 ألف و239 درهما، فيما قدرت تكلفة فك العزلة عن هذه الجماعة وحدها بـ26 مليار سنتيم.

وأوضح أن فك العزلة عن المنطقة يمر أولا بإيصال الطريق إلى جماعة زاوية أحنصال المركز، وبعد ذلك وضع دراسة للطريق المؤدية إلى أيت عبدي في اتجاه “تاغية”، مشيرا إلى أن دراستها تتطلب حوالي 40 مليون درهم، فيما تقدر تكلفة الإنجاز بما يناهز ملياري سنتيم، بالإضافة إلى إنجاز 3 قناطر، بما مجموعه 6 مليار سنتيم لتعبيد الطريق، ومحورين من الزاوية في اتجاه أزيلال، ومن الزاوية في اتجاه “واوزيغت”، بتكلفة 6 مليارات و600 مليون درهم، ومقطع “تيزي تملغاس” بملياري سنتيم.

وإلى حين ترجمة هذه الوعود كاملة، وهذه الأرقام إلى حقيقة، ستظل ساكنة أيت عبدي التي يصل تعدادها إلى أربعة آلاف نسمة، تواجه كل أشكال القهر الاجتماعي، والافتقار إلى أدنى شروط العيش الكريم.

 

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88