إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

حقوق المرأة فى المجتمعات الشرقية

رغم اعتراف المجتمعات الشرقية بأن المرأة نصف المجتمع وهى من أنجبت النصف الآخر وأن صلاح المجتمع كله يبدأ من صلاح المرأة لما لها من فضل عظيم في تربية النشء وأنها عنصراً هاماً لا يمكن الاستغناء عنه إلا أنه عند الحديث عن أي موضوع يتعلق بالمرأة مثل قضايا المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات يغيب المنطق تماماً عن عقول الرجال ولا يستحضرون من ذاكرتهم سوى أنها مجرد أنثى هذا الكائن الضعيف الذى لا يحق له أن يطالب بأن يتساوى بالرجال وانهن أضعف من أن يتحملن المسئوليات التي يتحملها الرجل مثل العمل والجهد والإنفاق.

ورغم ما منحته الحكومات العربية للمرأة من حقوق إلا أنها مازالت تعانى من تدنى النظرة المجتمعية لها فتتباين نظرة المجتمع اليها بين ما بين من يؤمن أنها إنساناً مساو للرجل من الناحية الإنسانية لها نفس الاحتياجات والرغبات التي تحافظ عليه ككائن حي يعيش ويتعايش مع مجتمعه ولكن مع التأكيد على أنها تختلف عن الرجل تمام الاختلاف نظراً لتكوينها البيولوجي أو الشكلي متحدثين عن أن ضعف المرأة هو سر قوتها وأن هذا الاختلاف في صالحها وأن على الرجل أن يتحمل مسئوليتها من الناحية الاقتصادية وهو القادر على حمايتها ورعايتها ويكفى أنها زوجة وأم تربى الأجيال.

وآخرون يدعمون المرأة لكنهم لا يؤمنون بأنها يمكنها القيام بما يقوم به الرجل لاختلافهما من الناحية الجسمانية والعضلية ويحاولون إقناعها بأن حقوقها محفوظة ولكن الأفضل لها الا تبحث عن المساواة الكاملة بينها وبين الرجل لأنها لن تستطيع التحمل لضعفها الجسدي.

وفريق آخر يرى أنه من العدالة أن يتساوى الجنسان “الرجل والمرأة “وأن تحصل على حقوقها التي تكافح من أجلها سواء من الناحية القانونية أو الاجتماعية لكنه يخاف أن يعترف بذلك خوفاً من أن تنافسه المرأة في المزايا التي يحصل عليها من مجتمعه والتي قد تهدر بعض حقوقه وتقلل من مكانته مجتمعياً .

وتجد المرأة نفسها في مجتمعاتنا الشرقية تقع بين أمرين الأول متمثل في التكريم الذى منحه لها الدين الإسلامي والحفاظ على مكانتها كإنسان حيث حرم وأدها وتوريثها كالمتاع في الجاهلية ومنحها بعض الحقوق التي تحافظ على كرامتها وإنسانيتها أما الثانية فمتمثلة في نظرة المجتمع لها بأنها مهما كبر سنها فهي قاصر ضعيفة ناقصة عقل ودين تحتاج الى رجل محرم او وصى يرعاها .

وفى العديد من الدول والمجتمعات العربية يتم التعامل مع المرأة على أنها عنصر ضعيف عاجز عن حماية نفسه غير قادر على تحمل مسئوليته فتتعرض لجميع أنواع العنف والمهانة لمجرد اثبات أنها ضعيفة ويجب ان تظل تحت سيطرة الرجل والتقاليد البالية فيتم حبسها داخل قفص الخوف والاتهام ومنعها من التقدم والتطور.

وفى حقيقة الأمر فان حال المرأة في المجتمعات العربية بشكل عام متشابه الى حد كبير على الرغم من مظاهر التقدم والتطور والاحتكاك بثقافات متعددة لكن هذا كله لم يغير كثيراً في الثقافة التي ورثها المجتمع الشرقي والتي لايزال يقاتل للحفاظ على موازين القوى ذاتها.

ورغم حصول المرأة على العديد من الحقوق وخاصة القانونية الا انها مازالت تصارع السيطرة الذكورية التي تحاول اعاقتها حتى لا تصل الى مبتغاها والتي ترغب في إعادتها الى عصر الحرملك والانغلاق بل وسحب ما حصلت عليه من حقوق وكأنه صراع لأثبات من الأقوى ومن الأكثر تحملاً الرجل أم المرأة.

والأمر الأكثر غرابة هو أن تصبح بعض النساء سوطاً في يد الرجال يجلدون به مثيلاتهن فنجدهن يرددن مقولات الرجال بأن “النساء ناقصات عقل ودين” “وأنهن خلقن من ضلع أعوج” وأن عواطفهن هي التي تتحكم فيهن وفى تصرفاتهن وقراراتهن مما يجعلهن غير جديرات بالمساواة من الرجال وهنا تجد المرأة نفسها تواجه عدواً أكثر شراسة من الرجال أنفسهم  فلا يفهم النساء سوى النساء , فهن تعرفن تماماً مواطن الضعف والقوة في بنات جنسهن , فياله من عدو يفهمك من صمتك , ويتوقع ردود أفعالك في أي موقف تتعرض له , ويعلم كيف يؤلمك , وأي ضربة تكسرك وتقلل من عزيمتك , فقديماً سَألوا امرَأة ذَات مَرَّة: مَن عدوّك الأوَل، الشّيطان أم المَرأة؟ فقَالت: عَدوّي المَرأة التي يُحرِّكها الشّيطان !!!

****************

 بقلم الأديبة / جيهان السنباطى

مقالات ذات صلة

‫29 تعليقات

  1. العالم تعترف أن المرآة نصف المجتمع لكن مايعترفون بحقوقها شكرا لمقالك استاذه جيهان الرائع زيك

  2. اسلوب طرحك للموضوع منفرد
    اعجبني النقاش لقضية المرأه واللغة لتي كتب بها
    لك تحياتي استاذه جيهان

  3. الاسلام جعل للمرأه كل الحقوق لكن القوانين الوضعية اضاعت حقوقها مقال متميز بارك الله فيك استاذه جيهان

  4. حقوقنا مااخذينها غصب وقصرا والبركة بولي عهدنا وملكنا خلونا نسوق وتغلبوا على هاضمين الحقوق الله يعطيك العافية استاذة جيهان على ماكتبت

  5. اضيف انه قديما قالوا ان الشيطان يخاف من المرأه فقد اخرجت أدم من الجنة واغوته مع الشيطان .. فحقوقها مااخذتها بكيدها وشيطانها

  6. ليت ان الرجال يقرأون لغة الادب في هذا المقال المتميز سلمت أناملك وقلمك المبدع

  7. الاخت رنا من قال ان المرأه اخذت حقوقها بالسواقه ؟!
    الاخ موسى مادكرته عار من الصحة وهو امثال فقط ومقولات ماجاء بها الدين ولاذكرت في القران بل اكذوبه واقاصيص من كتب الاسفار والالواح المحرفة.
    شكرا للكاتبة والأديبه جيهان السنباطي

  8. ايما وجهت عيناي وجدت هذا الابداع
    فأمعنت القراءة وتأملت كيف هي الحقوق
    فوجدت الاسلوب وحوار راق وكلام معبر
    وأعجبت بالحرف ومنظور الحوار في المقال
    شكرا ووافر التحية استاذة جيهان السنباطي

  9. المرأة ذلك اللغز المحير لمن كانت في قلوبهم الأمراض.. هذا الكائن اللطيف المكرم من رب العالمين المرأة الأم والابنة والزوجة ورفيقة الدرب.. لقد عانت المرأة بسبب وطأة الموروث الثقافي الذي حرمها من الوضع الكريم الذي رسمه لها القرآن الكريم وسيرة النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم.
    وجمال هذا المقال للأستاذة جيهان يكمن في أنه يسلط الضوء على ازدواجية المعايير في مجتمعاتنا وهي ازدواجية تكرّس حالة التعصب الأعمى والانحياز السلبي تجاه المرأة.

  10. ربما تحتاج تجربة المراة التونسية في التحرر صحبة الرجل باعتبار ان الرجل هناك هو اول من طلب بهذه الحرية في كتابه الشهير امراتنا في الشريعة والمجتمع للطاهر الحداد. مقال جميل يدفعك للنظر ابعد واكثر

  11. ربما تحتاج تجربة المراة التونسية في التحرر صحبة الرجل إلى مزيد من النظر والتحليل للاستفادة منها، باعتبار ان الرجل هناك هو اول من طلب بهذه الحرية في كتابه الشهير امراتنا في الشريعة والمجتمع للطاهر الحداد.
    مقال جميل يدفعك للنظر ابعد واكثر

  12. مقال رائع وموضوع في غاية الأهمية ونحتاج دومًا لمناقشة مثل هذه الموضوعات ، وأما عن الأسلوب فحدث ولا حرج نحن أمام أديبة متميزة متمكنة ، يتميز أسلوبها بالحسن والجمال وترابط الأفكار وجودة المعاني، وقد أعجبني ما قالت الأديبة الرائعة: ” …النساء سوطًا في يد الرجال يجلدون به مثيلاتهن ، والتطرق إلى المساواة بين الرجل والمرأة أمر محمود فقد ساوى رب العزة بين الرجل والمرأة في الأجر والعبادة ، فالأجدر بنا أن نساوي بينهم في المعاملات……

  13. مقال جسد الواقع العربي تجاه المرأة
    والكيل بمكيالين بين التنظير والتطبيق.
    غما يقال بالإعلام لا يطلق على أرض الواقع
    ويكاد يكون في غالب المجتمع العربي ..!!
    شكراً أستاذة جيهان شخصت العلة

  14. العنوان استعاري رمزي علمي متأدب واقعي جميل يحمل متناقضات دون تناقض

  15. ‏لا يوجد أي اسم لامرأة ضمن دائرة تهم الفساد ..

    المرأة دائما حريصة في عملها وأكثر نزاهة ..

  16. نحن فى حاجه لمثل هذه المواضيع موضوع جميل وان المرأه نصف المجتمع بارك الله فيك استاذه جيهان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88