إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

القصة القصيرة وماأدراك مالأقصوصة

تشكل القصة القصيرة جدا الآن ما يشبه الحمى بين الأدباء الذين يحرصون على كتابة هذا الجنس من الأدب، وبعيدا عن تاريخ القصة القصيرة جدا فى أدبنا العربى فإن هذا اللون من الأدب له أصول فنية كفيلة بأن تضعه فى مشهد أدبية الأدب وفنية الفن ، لكن ما يكتب اليوم معظمه لا علاقة له بهذا الفن ولا بذاك الأدب
وحين يكتب الكاتب القصة القصيرة جدا عليه أن يراعى الأشياء التى تؤسس حيز العمل المكتوب حتى يصير فنيا ومن هذه الأشياء التكثيف واللقطة الموحية والشعرية والحدث والمفارقة وفضاءات الزمان والمكان والفعل والشخصية والحكاية
لكن المتأمل فى حمى القصة القصيرة جدا هذه الأيام يجد أن معظم كتابها انشغلوا بالتكثيف دون غيره وأسقطوا معظم مقوماتها الفنية حتى صار التكثيف هو القصة القصيرة جدا والقصة القصيرة جدا هى التكثيف وهذا فهم خاطئ يجعل الانشغال بالتكثيف يوقع الكاتب فى اشكالية الغموض واللعب ويتجاوز بالمكتوب من الفن إلى الافتعال وقد يأتي هذا من قبيل اعتماد التكثيف كغاية لا كوسيلة مما جعل البعض يكتب ما يسمى بالقصة القصيرة جدا من كلمة واحدة أو كلمتين ولا أعرف كيف تكون القصة بهذه المواضعات الفنية التى قدمناها كلمة واحدة او كلمتين ، وكأن الهدف لم يعد غير التسابق في الاختصار أو لنقل بصورة أصح مسخ القص وتشويهه ليكون مجرد تسلية عابرة او وصمها بأنها فن خلق للتسلية والسخرية ولاشئ غير ذلك
وقد لاحظت أيضا أن معظم كتاب القصة القصيرة جدا يسقطون البطل عمدا فى قصصهم وهذا يعنى سطحية الفهم لهذا اللون من الفن فالبطل هو العمود الفقرى للقصة القصيرة جدا فلا قصة دون بطل وغياب البطل يحول القصة إلى الخبر القصصى أو الخاطرة مهما توفرت العناصر الأخرى
والبطل فى القصة القصيرة قد يكون حاضرا مرئيا للعيان بصفاته النفسية والجسدية يتحرك بالحدث وفق رؤية السارد ونكاد نشعر أنفاسه داخل العمل وقد يكون متحركا فى خلفية القص يظهر خلف اللوحة المصنوعة للقصة لكننا أيضا نشعر بوجودة خلف زجاج الخطاب الفنى للقصة مهما كانت صفته إنسانا أم حيوانا أم نباتا أم غير ذلك
ومن هنا فالبطل عمدة القصة القصيرة جدا وأحد أهم لوازمها التى لا يمكن الاستغناء عنها وحين يسعى كتاب القصة إلى إسقاط البطل أو نفيه من القصة فهم بذلك يسقطون جودة هذه القصة كفن له معطياته الخاصة به ولا يوجد أى بديل يستطيع حمل العمل والحدث المركزى فيه غير البطل فى القصة حتى ولو كان هذا البديل هو التكثيف لذلك من الذكاء والعمق أن نكتب القصة القصيرة بكل مقومات فن السرد القصصى فى لمحة خاطفة دون حذف أو اسقاط لأحد معطيات القص وهذا فى تقدير يحتاج إلى مهارة عالية ودربة وذكاء فنى ومخزون معرفى لايقدر عليه إلا من تمرسوا كثيرا فى فن القصة القصيرة بشكل عام
أما الطارئون من كتاب هذا اللون القصصى والذين حولوه إلى حمى منتشرة فى كل الأرجاء أتصور أن لا علاقة بين ما يكتبون وبين فن القصة القصيرة جدا وإنما وهم لابد أن يقلعوا عنه ولا زلت أذكر أن أحدهم أخرج مجموعة قصصة تحمل هذا اللون من الفن كتب فيها مثلا: فتحت الباب فلم أجدها فرحت أغلقه” ولا أجد أى لون من الفن فى فتح الباب وإغلاقه وغيابها سوى زوبعة فنية تسمى القصة القصيرة جدا ولعلنا نفتح الباب واسعا أمام الوعى المنهجى والفنى للقصة القصيرة جدا

……………………………..

عبدالحافظ بخيت متولي

مقالات ذات صلة

‫32 تعليقات

  1. السلام عليكم
    تحياتى للكاتب الكبير الأستاذ عبد الحافظ بخيت
    وانا معك قلبا وقالبا فى كل ما تفضلت بذكره من أصول كتابة القصة القصيرة .. فكيف لقصه أن تكون بلا بطل أو بطله .. وكيف لها أن تكون ذات فائدة اذا لم تكن لها رساله واضحة .. ليس لأن مسماها قصة قصيرة أن يعنى ذالك فقدانها لأهم أركانها
    تحياتي وتقديري لحضرتك

  2. كلا الان يكتب ويؤلف ويقول انا قاص ويطبعون كتب لناس كل كتاباتها اخطاء نحوية لا ترتقي ابدا لاي نشر لكن لله في خلقه شؤون

  3. رؤى من ضفاف فكر المفكر والكاتب العربي عبدالحافظ متولي حيث يقدم لكم في كل مرة وفي زاويته الإسبوعية ما يقدح إيجابيًا في الثقافة العربية إقرأ معنا وشارك بالتعليق والرأي حول القصة القصيرة وماأدراك مالأقصوصة ⁦‪http://www.alhtoon.com/21501/

  4. وصلني هذا عبر الواتس اب
    رؤى من ضفاف فكر المفكر والكاتب العربي عبدالحافظ متولي حيث يقدم لكم في كل مرة وفي زاويته الإسبوعية ما يقدح إيجابيًا في الثقافة العربية إقرأ معنا وشارك بالتعليق والرأي حول القصة القصيرة وماأدراك مالأقصوصة ⁦‪http://www.alhtoon.com/21501/

  5. معك يادكتور انه الكتاب يكتبون مالا يعون ويطلقون الكلام انه قصص مقال رائع يعطيك العافية

  6. أستاذ عبدالحفيظ متولي
    انا معك مليون في المئة بما ذكرت ، فالقصة القصيرة جدا لا تمت للأدب ولا للكتابة بصلة. هذا من وجهة نظري وقد ذكرت الأسباب المنطقية جدا لعدم إدراجها كقصة ، وكنت أتعجب فعلا عند قرائتها ولم أكمل الكتاب الذي كان بين يدي لاني لم أجد أي متعة في قرائتها.

    شكرا لك من الأعماق لطرح هذا الموضوع لأني أتمنى أن يحترم و يهتم الكتاب بفكر وعقل القارئ

  7. ارى. ان. الامر في أي قصة أو كتابة يحتاج الى طرح فكرى اقوى من الطروحات الحاليه وبدورى كمتخصص في مجال الأدب والفكر الانسانى فما استنتج من خلال رسالتى الامن. الفكرى ان الامر يجب ان بىكز على معان الحريه والتحرر ومدى قيود الفكر. وحريته. واعتقد. ان الحدود في عالمنا لا تأتي بأي ابداع سلم قلمك استاذ متولي

  8. الكتابة هى الاقدر على تغيير العالم وخصوصا في عالمنا العربي حيث اهتمامها وتدخلها بما يسمى بجماعات ضاغطة وتدخلها فى كتابات الكاتب وان الكتابة الناقدة يجب ان تكون حرة بدلا من جماعات الضغط التى تؤثر على الرأى العام

  9. أصبحنا أمام أدب جديد يدعى ادب من لايعرف أن يكتب والدور للنشر تنشر دون شروط لانها صارت تجارة لا أكثر ولا أقل جميل استاذ عبدالحافظ هذا المقال والفكر

  10. من أين يستوحي الكاتب كتابته والمجتمعات كما قال الاصدقاء ممنوعين من الكتابة بحرية والتحدث في الممنوع

  11. كثير من الكتاب في الدول العربية لاتفكر ولايفكرون بوضع رقابة على حالهم فيما يكتبون والمهم هو الشهرة ودور النشر همها الكسب المادي اضأت إستاذ حافظ إضاءة حقيقية عن القصة .دمت

  12. قد وضعتَ إصبعك على جُرحٍ بليغ, فعندنا كل يكتب قصة حتى لو كانت قصة من التراث
    يشقُّ عليّ في هذه الحال أن أذكُر “الحلول” التي بوسعنا اللجوء إليها لإنقاذ ما يُمكننا إنقاذُه .. لأني قد سلَّمت بِحقيقة أننا في عِداد المُنتهين, شأننا شأن الحضارات التي تراكَمَ على كتبها غُبار الرُّفوف
    دام قلمك الحر

  13. موضوعك مُهم ويحتوي على الكثير من الحقيقة والكلام الطيب ..
    أحببت اضافتك هُنا:

    إقتباس »
    وحين يسعى كتاب القصة إلى إسقاط البطل أو نفيه من القصة فهم بذلك يسقطون جودة هذه القصة كفن له معطياته الخاصة به
    شُكرًا لهذا الموضوع ويعطيك العافية .. أحسنت.

  14. استاذ عبدالحافظ متولي أنا معك في كل نقطه قلتها
    لكن كما هناك كتاب مجرد كتاب بالاسم فهناك كتاب لهم كيان لايستهان بهم ضاعوا مع هؤلاء

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88