الأدب والثقافةفن و ثقافة

الماركيز دي ساد حبيس مصحّ للمجانين في باريس

محاكمة أخلاقية للماركيز الفرنسي تنتهي بتقطيعه إربا مع ذلك نرى أشلاءه تنتصر وتبعث فيها الحياة وتستمر يده بالكتابة ساخرة من كل سلطة على حرية التعبير.

لطالما كانت شخصية الماركيز دي ساد جذابة للباحثين والنقاد سواء بسبب نصوصه الإباحيّة أو سلوكه الشخصي والفضائح التي لاحقته وجعلته عرضة للاعتقال والملاحقة القضائيّة، إلا أن أهمية دي ساد تكمن في القيمة السياسية التي تحملها نصوصه، خصوصاً أنه من معاصري الثورة الفرنسيّة فكتبه تعتبر محاولة لتحدي سياسات الدولة التي تتحكم بالجسد البشري، فهو يسائل الخطاب السياسي العقلانيّ الذي يسعى لتقنين الجسد طبياً وعلمياً وتحويل اللذة إلى شأن سياسي، كما نراه في ذات الوقت يسخ من تاريخ العقلانيّة والفلسفة الغربيّة وأساليب تكوينها للطبيعة البشرية.

اكتسب الكاتب المسرحي الأمريكي دوغ رايت شهرة عالميّة بعد حصوله على جائزة البوليتزر عام 2004 للكتابة الدراميّة عن مسرحيته “أنا زوجتي”، كما عرف أيضاً بمسرحيّة “ريَش- quills” التي تحكي عن نهاية متخيلة لحياة الماركيز دي ساد، فالمسرحية التي تحولت إلى فيلم عام 2000 من إخراج فيليب كوفمان، تحضر هذا العام على خشبة مسرح الكولين في العاصمة الفرنسيّة باريس حيث يتحوّل جسد الماركيز إلى أشلاء تشهد على وحشية السلطة ضد من يخالف أخلاقها.

عرضت المسرحيّة للمرة الأولى عام 1995 في نيويورك، وهذا العام قام كلّ من روبيرت لوباج وجان بييار كلوتيّة بإخراج العرض وتصميم الفضاء، كما يؤدي لوباج دور الماركيز نفسه في أداء ساحر، فالعرض الذي يستمر لساعتين ونصف يشدّنا بداية بفضائه السينوغرافيّ، إذ نرى أنفسنا أمام مربع من مرايا شفافة أحياناً وعاكسة مرات أخرى، تحضر فيها أجساد الجمهور والممثلين في ذات الوقت، وكأن الجميع يراقب الجميع، ما يجعل فعل التحديق ومعانيه السياسية والأخلاقيّة حاضرة وتمارس سلطتها على جسد الماركيز نفسه حبيس المصح العقلي في شارنتون في ضواحي باريس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88