إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

مابين المصلحة والمفسدة شعرة واحدة

مابين العلم والجهل شعرة واحدة ..ومابين الخير والشر بون شاسع وأمور كثيرة مابين أمر وضده نوعًا من الفروقات التي تعارفنا عليها إجتماعيًا و حين نأتي للمصلحة والمفسدة فأنه تعارف على أن المصلحة والمفسدة يحددها الشرع وليس العقل مهما بلغ هذا العقل من الرجاحة والصواب ، فالعاقل لاشك انه الذي يعلم الخير من الشر ، و لكن العاقل كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : هو الذي يعلم خير الخيرين و شر الشرين، و نحن اليوم أحوج ما نكون للموازنة بين المصالح و المفاسد، لغربة الحال و انحراف الأوضاع عن كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم. و عدم تطبيق الشريعة هنا و هناك فليس علاج الشر و الفساد، الذي امتلأت به الدنيا، في المدرسة و الشارع .. أن نضع الطفل في المنزل، كما نحبس العصفور في القفص، بل الصواب في ذلك أن نطبق على كل موقف و سلوك ما يتساوى معه من الأحكام الشرعية و هذا يتطلب معرفة بالشرع و الواقع بحيث تتحقق المصلحة المنضبطة و تندفع المضرة و المفسدة، و إن أعوزنا الأمر رددناه لعالمه ( و لو ردوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم  و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) النساء : 83 . و الواقع أن الشريعة الإسلامية ما شُرعت إلا لتحقيق مصالح العباد في العاجل و الآجل ، أي في الدنيا و الآخرة، و درء المفاسد و الأضرار عنهم في العاجل و الآجل أيضًا حتى قال البعض : “ إن الشريعة كلها إما درء مفاسد أو جلب مصالح ” .

ومما قرأت عن ذلك أن المصلحة المعتبرة شرعاً هي التي تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية من حفظ ضرورات الناس وحاجاتهم وتحسيناتهم، فليس كل ما يسمى مصلحة في اللغة أو العرف، أو يراه الناس أو طوائف منهم مصلحة، يمكن أن يكون مصلحة مقصودة للشارع، تشرع لتحصيلها الأحكام، ويؤمر بها المكلفون. وكذلك الحال بالنسبة للمفسدة التي هي ضد المصلحة.

فليس ثمّ إلا الحق أو الهوى، والحق هو ما جاء به الشرع الحنيف، وما عداه فهو الهوى، فالمصلحة الشرعية ليست هي الهوى أو تحقيق الأغراض الشخصية، والطموحات المادية، ذلك أن أهواء الناس متباينة، ورغباتهم مختلفة، وطموحاتهم متفاوتة، والإنسان بدافع من هواه وشهوته يسعى إلى تحصيل كل مستلذ ملائم، ودفع كل شاق منافر، وإن كان في ضمن ذلك ضرر قد يلحق به أو بغيره من الناس، أو به وبهم حالاً أو مآلاً.

ومن هنا ندرك أن الإنسان – مهما أوتي من العلم، وبلغ من العقل والفهم – فإنه عاجز بطبيعته عن الإحاطة بالمصالح الحقيقية، وكيفية الوصول إليها في الدنيا والآخرة، وهو إن أدرك بعضها، فإنه عاجز عن إدراك جميعها، وما أدرك منها فإنه لا يهتدي إلى تفاصيلها ومعرفة حقائقها، قال الله تعالى: {)وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}[الإسراء: 85].

زينب المقبل

حرر في 16/ 7/ 2017م

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88